وهذا الموضع غامض. [فإن قيل]: هل المتعلق بالأمرين معنى واحد أو معنيان؟ فنقول: المتعلق بالأمرين معنى [واحد]، إذ لا يتصور الشك مع اتحاد المتعلق، فلابد أن يكون متعلق الشك أمرين. والذي خالفوا في تعلق العلم الحادث بمعلومين، سلموا تعلق الواحد بأمرين.
فإن قيل: إذا شك الإنسان في ثلاثة أمور، فقد تعلق شك واحد بأمرين، ولا يبقى للشك الثاني إلا متعلق واحد. قلنا: قد استحال تطرق الشك إلى أمر واحد. فنقول: على هذا يصح أن يتعلق الشك الواحد بأكثر من اثنين، فهو متردد بين الجهات الكثيرة ترددا واحدا.
وما انحصر إليه الكلام من طلب الفرق بين الاعتقاد الصحيح وبين العلم، فهو لعمري مكان غامض، [ومتاهة] مظلمة. ومنها نشأ اختلاف الأولين والآخرين في المذاهب والمعتقدات، فإن كل معتقد مصمم على أنه عالم. ومن المستحيل أن يعرف المعتقد كونه معتقدا، سواء كان اعتقاده موافقا للمعتقد أو مخالفا، فإنه إنما يدري أن الحاصل ليس يعلم بتجويزه النقيض. وعند تجويزه النقيض يبطل الاعتقاد.