الثالث - أنه لو التفت إلى هذا الاحتمال المجرد، لم يثبت شيء من الحجج، إذ يقول القائل: ما المانع من نسخ النص، ولم يعلم بذلك؟ وما المانع من رجوع واحد من المجمعين قبل اتفاق الكل؟ فنقول: هذا الاحتمال يبطل الحجج على الإطلاق. وما أفضى إلى رفع الشرع، وجب الإعراض عنه.

فإن قيل: الأصل عدم النسخ وعدم الرجوع، فلنستصحب الأصل. قلنا: هذا باطل من وجهين:

[أحدهما -] أن التمسك بالأصل، لا [يحصل] علمًا بالحكم، بل قد قال جماعة من الأصوليين: ليس الاستصحاب من الأمارات بحال. فكيف يقطع بدوام الحكم، بناء على الاستصحاب، لولا قواطع السمع؟ على أنه لا التفات لذلك الاحتمال المجرد.

الثاني - أن هذا يبطل بالميت الأول من الصحابة، فإن إمكان خلافه، لا يتنزل منزلة حقيقة خلافه. وفي انعقاد إجماع الصحابة على تحريم مخالفتهم، ووجوب الاتباع، يدل دلالة قاطعة على وجوب الإضراب عن هذا الاحتمال. هذا تمام الكلام. والله المستعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015