أربابها. قالوا: هذا تناقض، لأن التابعين كل الأمة في مسألة، وليسوا كل الأمة في مسألة، وهم بحالهم، هذا جمع بين النفي والإثبات. قلنا: ليس كذلك، فإن التناقض إنما يكون عند التوارد على الشيء الواحد، من وجه واحد. وههنا لا يثبت لهم نعت الكلية بالإضافة إلى المسألة التي انفردوا بالحكم فيها، بخلاف المسألة التي أفتى فيها غيرهم.
قالوا: لو خالف [واحد] من الصحابة، لم ينعقد الإجماع [إذا نقل]. فإذا لم ينقل، فيمكن أن يكون [خالف]، وإذا تطرق الإمكان، بطلت الحجة القاطعة. وعنه جوابان:
أحدهما - أن نقول: هذا يبطل بالميت الأول من الصحابة، (180/أ) فإن إمكان خلافه لا يكون كحقيقة خلافه.
الثاني - أنه يلزم إذا ثبت أن الصحابة لم يخوضوا في المسألة، أن يعرف بصحة إجماع التابعين، وكونه حجة، وهم لا يقولون بذلك. وقد ذهب بعض الناس إلى أن القول الآخر يصير مهجورًا، بناء على ثبوت نعت الكلية للتابعين. فعلى هذا لا ورود للشبهة على حال. ولكنا لا نختار هذا، ولا يكون إجماع التابعين على أحد القولين موجبًا لاطراح القول الآخر. وقد قدمنا بيان ذلك.