أن هذه الأمور إنما استمرتـ بناء على سنة مستقرة عند القوم. ولهذا قال هو أو بعض أصحابه: (كم من سنة دارسة أحياها عملهم المستمر). وكذلك المد والصاع (178/ب) وغير ذلك من الأشياء التي يتواتر نقلها عن الأولين من الصحابة والتابعين. هذه صورة.

الصورة الثانية: أن يرووا أخبارا ويخالفوها. فهذا قد تقدم الكلام عليه. واختيار الإمام أن الراوي الواحد إذا فعل ذلك، سقط التمسك بروايته، ورجع إلى عمله. فما الظن بعلماء المدينة بجملتهم؟ فعلى هذا يدل عملهم على ناسخ اتفق بلوغه إليهم ولم يبلغنا. فكأنه في الحقيقة تمسك بخبر دل على اتفاقهم عليه.

الصورة [الثالثة]: أن لا ينقلوا الخبر، ولكن يصادف خبر على نفيض حكمهم. فهذه أضعف من الأولى. ولكن غلبة الظن حاصلة بأن الخبر لا يخفى عن جميعهم، لهبوط الوحي في بلدهم، ومعرفتهم بالسنة. ولهذا كان الناس إذا اختلفوا في غير المدينة في الأحكام الشرعية، أرسلوا إلى المدينة يسألون عن ذلك، ثم يصيرون إلى ما يذكره أهل المدينة. فالظاهر منهم على هذه الحالة أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015