أن قولهم حجة وصواب متى اتفقوا. هذا نهاية ما ذكروه، وكل هذه الطرق من الانفصال باطلة.
فإن قيل: فما الذي ترونه؟ قلنا: الذي نراه أن القول المرجوع إليه هو الحجة، ولا يجوز التمسك بالقول المرجوع عنه، لأنا قد قررنا أن الإجماع عند القولين، إنما هو على نفي الثالث، ولم يقع اتفاق على واحد من القولين، والإجماع هو الذي يعين الحق في المجمع عليه، والمجمع عليه، هو الواحد، فيكون حجة قاطعة.
فإن قيل: (176/أ) فبم تنفصلون عن قول القاضي وغيره أنه حصل إجماع ضمني على صحة الأخذ بكل واحد من القولين، وتجويز الاستفتاء للعامة لمن شاء، وأمن المفتين، وثبوت الأقضية، ومنع نقض الأحكام، فهذا إجماع ضمني، وهو واجب الاتباع، كما قررتموه في جانب نفي القول الثالث؟ قلنا: إنما يلزم من يصوب كل مجتهد، فإنه يقدر إجماعا ضمنيا على تسويغ الاجتهاد بكل واحد من القولين، فيشكل عليه الأمر. وأما نحن فلا نرى ذلك، ونقول المصيب واحد، فلا نسلم الإجماع على تسويغ الأخذ بكل واحد من القولين، فبطل ما ذكروه.
فإن قيل: فهل يكون ما اتفقوا عليه إجماعا أم لا؟ قلنا: هو إجماع، لاتفاق كلمة الأمة بجملتها على قول واحد. فلا يصح أن يكون الحق في خلافه. فإطباقهم على حكم، يتبين أنه الحق.
فإن قيل: فهل رجوع بعضهم عن قوله يصيره كالعدم، أو يبقى القول