نحن فيها، إنما سكت بعض العلماء، فمن أين يتنزل سكوت بعضهم منزلة سكوت الجميع؟
فإن قيل: إذا كانت المسألة قطعية، وأخطأ فيها قوم، فلو خرجوا بالخطأ في القطعيات من أن يكونوا من أهل الاجتهاد، ويكون الباقون هم أهل الإجماع، فإذا سكتوا، فهل عصى أهل الإجماع، وذلك عليهم محال؟ قلنا: ليس خطؤهم في تلك المسألة بالذي يصير خصومهم كل الأمة. ولذلك أنه لا يسوغ الاحتجاج على غيرهم باتفاقهم، بل يطلب دليل المسألة القاطع من غير الإجماع.
ولما خولف أبو بكر في قتال مانعي الزكاة، لم يحتج بأنه رأى ذلك [رأيا]، ومن رآه معه، بل جنح إلى الدليل، وقرره من جهة السنة والقياس جميعا. فقال: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة). وقال: (والله لو منعوني عقالا كانوا يعطونه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لقاتلتهم عليه). فالصواب بعد هذا كله، النظر إلى قرائن الأحوال الدالة على حمل السكوت على الموافقة. فهذا هو المعتمد في ذلك. والله المستعان.
قال الإمام: (ونحن نصور هذه المسألة في صورتين، ونذكر في كل واحدة [منهما] ما يليق بها) إلى قوله (هذا منتهى المسألة تصويرا