العادات، لا من باب عصمة الأمة. فهذا إذا سلك، افتقر إلى أن يكون في الساكتين كثرة تمنعهم من السكوت في مواضع القطع بالمخالفة، فيكون هذا متلقى من العادات، لكن يشترط فيه زوال الموانع المانعة من الإنكار.
ولكن يبقى فيه نظر عندي، وذلك أنهم إذا سكتوا في هذه [الحالة]، حصل العلم بأنهم بجملتهم ليسوا مخالفين، ولابد من إضمار الموافقة. لكن القطع بأنهم بجملتهم موافقون فيه، فما المانع من اشتمال الساكتين على موافقين وعلى مخالفين؟ وهذا احتمال بين، لا سبيل إلى دفعه إلا بقاطع. فلا تحصل بالموافقة من الجميع على هذا التقدير، وإن كان الساكتون عدد التواتر، إلا أن تقترن بذلك قرائن تحصل علما بالسكوت موافقة. وإذا افتقر إلى هذه القرائن، فلا فرق بين المظنون والمقطوع به. فإن تلك القرائن لو اقترنت بفتواهم في محل الاجتهاد، لحصل علم الموافقة (173/أ)، [لبناء] الأمر على ذلك. ولكن لا يكون هذا مستندا إلى محض السكوت عند استماع القول.
وأما ما صوره الإمام من (أن رجلا لو قال قولا خرق فيه إجماع الأمة، فإن العلماء يثورون منكرين). فالأمر على ما قال، لأنه صور سبق الإجماع قبل مخالفة المخالف. فلابد من إنكار العلماء عليه. فإنهم بجملتهم لو لم ينكروا، لشملت المعصية الأمة بجملتها، وذلك ممتنع عندنا. وفي المسألة التي