تقليده في الأصول. وكان قصد عبيدة أن عليا لو انتقل عن ذلك الحكم، ربما نسب إلى التعصب والتبرؤ من أبي بكر وعمر، فكره عبيدة هذا. هذه شبهة من ذهب إلى اشتراط انقراض العصر على العموم.
وأما ما ذهب إليه الأستاذ من كون الإجماع إن كان سكوتيا، اعتبر فيه انقراض العصر، وإن كان نطقيا، لم يعتبر. فهذا كلام ضعيف جدا، وذلك أنه لا يخلو إذا قال العالم قولا، وسكت الباقون على ذلك، ولم يخالفوه: إما أن يظن الموافقة للقائل، أو لا يظن ذلك، فإن لم يظن ذلك، وجوز أن يسكت من لا يوافق، فهذا التجويز مستمر، وإن انقرض العصر، فإنه قد يسكت، وإن كان لا يوافق، إما تسويغا للمجتهد ما يقوله، أو لأسباب سنذكرها بعد ذلك.
وهذه الأسباب يصح استمرارها إلى انقراض العصر، وإن كان يظن من السكوت الموافقة، [فلماذا] يشترط انقراض العصر، وقد ظن الموافقة؟ وليس انقراض العصر بالذي يحصل علم الموافقة.
وقد حمل ذلك بعض الأصوليين على أنه ناقض، فإنه لا يرى اشتراط انقراض العصر في الإجماع، قال: وهذا إجماع ظني، فلم اشترط فيه الانقراض؟ وهذا النقض غير لازم، وفرق بين أن يقطع بالموافقة ومستند المتفقين ظن، وبين أن يظن الموافقة. والنقض على هذا (171/أ) غير لازم، فإن الأستاذ اشترط الانقراض عندما يظن الاتفاق، ولم يشترط الانقراض عندما يعلم الاتفاق، والمتفقون ظانون. ولكن الاعتراض هو الذي قدمناه من استمرار السكوت إلى انقراض العصر، لا يحصل علما بأنهم متفقون.