يبحث، هل هي بدعة تقتضي تكفيرا أم لا؟ قال أبو حامد: فإن قدر على ذلك، وإلا فليراجع علماء الكلام حتى يطلعوه على الدليل. فإن لم يفهمه، فليقلد في أن هذه البدعة تقتضي تكفيرًا، فإن لم يقنع بالتقليد، ولم يفهم دليل التكفير، لم يعذر، إذ لا عذر بعد نصب الله تعالى الأدلة القاطعة.
وهذا الذي قاله أبو حامد لا يصح عندي، لأن علم الكلام لا يرشد على ما يكفر به، بالنظر إلى محض المعقولات، وإنما يقع التكفير بالنظر إلى الأدلة الشرعية. فكيف يصح أن يكون المجتهد غير عالم بما يكفر به في الشريعة؟ وإن أراد بالتكفير الجهل بالله عز وجل، فلا يصح أن يكون مجتهدًا من هو جاهل بالله على حال. وإنما هذا بناه على أصله في صحة نيل درجة الاجتهاد مع التقليد في معرفة الله عز وجل ومعرفة رسول - صلى الله عليه وسلم -. [و] هذا ما لا يصح عندنا بحال.
فإن قيل: فما الضابط لما يكفر به؟ قلنا: قد أكثر الناس في ذلك، فالذي يصح عندنا يرجع إلى ثلاثة أمور:
أحدها - ما يكون نفس اعتقاده كفرًا، كإنكار الصانع وصفاته التي لا يصح أن يكون صانعًا إلا بها. إما بالتصريح بالإنكار، أو بالمصير إلى أمر يمنعه اعتقاده من الاعتراف بالصانع، ويلزمه ذلك من جهة التناقض وجحد النبوات، فإن ذلك كفر بلا خلاف.
الثاني - ما ورد الشرع بأنه لا يصدر إلا من كافر، كعبادة النيران والسجود للصنم، وما يضاهي ذلك.