ولا حرمت عليهم مخالفته. وما ذلك إلا لاستحالة اعتبار أقواله، بالإضافة إلى أقوال العلماء. فكذلك لما اختلفت ترجمة اللسان بالفسق الظاهر، تعذر الوقوف على مخالفته وموافقته، فوجب صرف النظر عنه في حق غيره، وإن كان له في حق نفسه حكم آخر. هذا هو الذي نراه. والله الموفق للصواب.
المسألة الثانية: مسألة المبتدع ولها صورتان: إحداهما - أن يقول ببدعة توجب التكفير. الصورة الثانية - أن يقول ببدعة لا توجب التكفير.
أما الصورة الأولى إذا كانت البدعة توجب تكفيرا، فلا التفات إلى موافقته، ولا تضر مخالفته، لأن العصمة ووجوب الاتباع ثبت للأمة، وهذا ليس من الأمة (168/أ) واعتقاد أنه منهم، لا يصيره منهم بعد أن كفرناه، وإن كان يصلي إلى القبلة ويعظم الدين، فإن ذلك كله غير ملتفت إليه.
فإن قيل: فلو خالف هذا المبتدع المكفر في مسألة، فبلغ قوله بعض الفقهاء فخالف، بناء منه على أنه لم يعلم أنه كافر، فهل ينخرق الإجماع بذلك؟
وهل يكون الفقيه معذورا أم لا؟ قلنا: للمسألة صورتان:
إحداهما - أن يبلغه خلافه، ولا تبلغه بدعته، فيخالف لأجل ذلك، فهذا معذور، إذ بنى الأمر على ظهور الإسلام، وهذا هو من المسلمين ظاهرا، فيكون الحكم منقوضا والحاكم معذورا. وهو بمثابة ما لو بلغه المنسوخ وعمل به ولم يبلغه الناسخ، لا لتفريط من قبله، فإنه لا يكون آثما بذلك، وكذلك هو.
الصورة الثانية: أنه تبلغه بدعته، ولكن لا يدري أنها تقتضي التكفير أم لا. ففي هذه الصورة لا يعذر بترك الإجماع لأجل مخالفته، ولكن عليه أن