ويحتمل أن يكون المراد بعض أنواع الخطأ، فإنه نكرة في نفي، وهي من صيغ العموم، ولا يمتنع تخصيصه. فإذا كان كذلك، لم يسغ الاحتجاج به في القطعيات. قالوا: هذا التفصيل غير صحيح، إذ لا ذاهب من الأمة إليه، والذي يجوز الخطأ عليهم في شيء يجوز في غيره. قالوا: وإذا لم يكن فارق، [لم] يكن تخصيص بالتحكم. وقد ذم من خالف الجماعة وأمر بالموافقة. وإن لم يكن ما فيه العصمة معلوما، استحال الاتباع إلا أن تثبت العصمة مطلقا، وبه تثبت فضيلة الأمة وشرفها. أما العصمة عن البعض دون البعض، فقد تثبت لكل كافر فضلا عن المسلم، إذ ما من شخص يخطئ في كل شيء، بل كل إنسان يعصم عن الخطأ في بعض الأشياء.
هذا سؤال وجواب عنه. وعندي أن التأويل متأت. وقولهم: لا فاصل في التجويز العقلي، فلا فصل من جهة العقل بحال، ولكن لم يعين القوم النوع الذي عصموا فيه، بل قالوا: يجوز أن يكون المراد هذا، وقوف بين التعيين في الوقوع، وبين الإمكان وتطرق الاحتمال.
وأما قولهم: إن لم تثبت العصمة على العموم، استحال الأمر بالاتباع. قلنا: هذا تمسك بظاهر في محاولة القطعيات، وذلك غير مفيد. ولو صح هذا، لجاز الاستدلال بالظواهر في محل طلب العلم، فلا ينتفع بذلك إلا على وجه، وهو أن يكون (164/أ) اللفظ [نصا خاصة، وهو ضعيف.
التأويل الثالث]: وهو أن أمته كل من آمن به إلى يوم القيامة، فجملة هؤلاء من أول الإسلام إلى آخر عمر الدنيا لا يجتمعون على خطأ، بل كل حكم انقضى على اتفاق [أهل] الأعصار كلها بعد [بعثته]، فهو حق، إذ الأمة