الثاني - أن عموم البلوى بالإضافة إلى مس الذكر، ليس كعمومه بالإضافة إلى مس النساء، ومع ذلك فقد سوى أبو حنيفة بينهما، دل على أنه لا التفات للمساواة في عموم البلوى.
فإن قيل: فهل من ضابط بين ما تعبد فيه بالإشاعة، وما لم يتعبد فيه بذلك؟ قلنا: لا ضابط لذلك من جهة العقل، فإن العقل يجوز ذلك ونقيضه في الجميع، ويجوز الفصل والفرق. وإن طلب ضابط [للوقوع]، فنحن قد وجدنا السمعيات منقسمة إلى ما تواتر، وإلى ما لم يتواتر. وهذان القسمان يقعان في العبادات والمعاملات والجنايات والأقضية وفصل الخصومات. واستقصاء ذلك هو علم الفقه، فلا معنى للإطناب فيما يتعذر استيفاؤه ههنا.
قال الإمام: (مسألة: ظاهر مذهب الشافعي أن القراءة الشاذة التي لم تنقل تواترا، لا يسوغ الاحتجاج بها) إلى قوله (وقد نجزت مسائل الأخبار). قال الشيخ: هذا المكان أمر عظيم وخطب جسيم، فإن القرآن قاعدة الدين، وإليه رجوع جميع الشريعة، فليقع به فضل اعتناء. والله المستعان.