غير جائز، قلنا: قد حققنا أن العقل لا يدل على إثبات أصول الأحكام، ولا تتحتم بعثة الأنبياء، وإنزال الشرائع، وإنما حظ العقل في هذا التجويز. فلا مانع من أن يتعبد الله سبحانه خلقه بالعمل بأخبار الآحاد فيما يعم فعله. وإذا كان ممكنا من جهة العقل، ولم يوجد في قواطع السمع ما يمنع منه، فلا وجه لرد خبر الواحد.
ونقول: [كل ما] رواه العدل وصدقه فيه غالب (156/أ) على الظن، ولم يتعبد الخلق فيه بالعلم، فلابد فيه من التصديق، وهذان أمران: ففي أيهما النزاع؟ أما كون الصدق غالبا على الطرفين، فإن الصديق أو غيره إذا روى: (ومن مس الذكر الوضوء). فلا يقطع بكذبه قطعا، بل الظن حاصل، والمحل من تفاصيل الفروع، فلا يشترط العلم فيه، فلا بعد في أن يذكره الرسول للآحاد. ولو قدرنا أنه ألقاه لعدد التواتر، فليس هذا من قبيل ما تتوفر الدواعي على نقله. ففرق بين أن تعم البلوى بالفعل، وبين أن تتوفر الدواعي على النقل.