وجهين: عموم بلوى الفعل، وعموم بلوى في النقل. فأما ما تعم البلوى بنقله، إذا أطبق عليه عدد التواتر، فلابد من تواتر النقل فيه، وذلك فيما يجل خطره، ويعظم أمره، فإن النفوس متوفرة على نقله. وقد قدمنا ذلك في باب ما يجب أن يتواتر، وقسمناه قسمين: فمنه ما يتواتر على الفور، ثم يفضي الأمر إلى نقل الآحاد، وقد يفضي الأمر إلى الدروس. وقسم يدوم تواتر النقل فيه، وقد سبق تمثيل القسمين معا.
وأما ما ذكره أبو حنيفة فيما تعم بفعله البلوى، ولا ينفك الخلق عن تعاطيه، وهاذ كالمس واللمس والبول والغائط، فقد قال أبو حنيفة: لا نقبل خبر الواحد في هذا المصنف، واحتج بأنه لابد أن يلقيه الشارع للخلق، على وجه يحصل به العلم، ثم لابد من أن ينقله من يحصل العلم بنقله، حتى يبقى حكمه معلوما على الدوام. وهذا الذي قاله غير صحيح، ولا يوجب العقل أن يبلغ الشرع أصل الصلاة والوضوء لعدد التواتر، بل يجوز أن يتعبد الله الخلق بالعمل بأخبار الآحاد في الصلوات الخمس، فكيف بتفاصيل ما ينقض الطهارة؟
فإن قيل: كيف يجوز ذلك، وفيه تعريض صلوات الخلق للإبطال، وذلك