وأما قبول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قول الأعرابي في رؤية الهلال، وكونه أعرابيًا، لا يمنع أن تكون عدالته معروفة عنده، إما بوحي أو إخبار. وقد كنا قلنا: إن مدار الرواية على غلبة الظن. ولا تحصل غلبة الظن (147/أ) من قول المستور. بل حصول غلبة الظن [بقول فاسق] جرب باجتناب الكذب، أقرب من غلبة الظن بقول المستور.
وأما جواز الاستفتاء، بناء على مجرد الإسلام وظهور العلم، ففيه منع، فلا يجوز الاستفتاء إلا بعد ظهور العدالة أيضا. وإن سلمنا، فذلك لأن الغالب من أحوال العلماء- لاسيما بعد بلوغ درجة الاجتهاد- العدالة، فالعلماء عدول إلا القليل، ولا يقال المسلمون عدول إلا القليل. فهذا هو الفرق بين البابين.
وتمسكوا أيضا ببناء الشرع أحكاما على مجرد الإسلام والستر، كما يقبل قول البائع: إن الجارية ملكه، حتى يجوز الشراء والوطء. وكذلك يقبل قول بائع اللحم: إنه لحم ذكية، وأن الماء طاهر. وكذلك إمام الصلاة يصح أن يقتدى به، بناء على أنه متطهر، وإن لم يظهر منه سوى الإسلام.
قلنا: أما البائع فيصح الاعتماد على قوله في كونه مالكًا، مع ظهور