أجمعوا بعد الخلاف ولا يشرط في الِإجماع الأول عدم الإجماع بعده، وإلاَّ لشرط في الإجماع الثاني والثالث ولزم أيضا وجوب إثبات الحكم بدليل أهل الإجماع وعدم وجوبه، ونحن نوجب اتباعهم في البعض وهو الِإيمان ويتأكد بأنه يفهم من سبيل الصالحين الصلاح. كيف؟ والإيمان حاصل في الحال والإجماع يحصل بعد وفاته عليه السلام، والحمل على الحاصل أولى وبأن يفهم من قول السلطان: من يشاقق وزيري ويتبع غير سبيل فلان يريد به المتظاهر بطاعة الوزير عاقبته. سبيله في طاعة الوزير. ثم المراد كل المؤمنين وهم الموجودون إلى قيام الساعة وأهل العصر بعضهم. ولو قيل: المؤمن هو المصدق وهو الموجود، ولزم أن لا يكون إجماع أهل العصر الأول حجة في الثاني، إذ ليسوا مؤمنين فيه وأن تختص الآية بالموجودين وقت نزولها. لكن إنما يفيد الإجماع بعد وفاته عليه السلام، وقد مات بعضهم قبله، سلمنا أن المراد مؤمنو كل عصر لكن لا كلهم لخروج العوام والأطفال والمجانين، بل بعضهم وهو الإمام المعصوم.
ثم الإيمان أمر باطن فلا يمكن معرفة المؤمنين (?) فكيف يجب اتباعهم؟. ولا يحمل المؤمن على المصدق باللسان كما في قوله تعالى: {حَتَّى يُؤْمِنَّ} لأنه مجاز ليس الحمل عليه أولى من حمل السبيل على ما من شأنه أن يكون سبيل المؤمنين، ثم دلالة الآية (?) ظنية والمسألة علمية وفاقاً. والعجب أن الفقهاء أثبتوا الإجماع بالعمومات ولم يكفروا ولم يفسقوا منكر مدلول العموم، لتأويل ثم كفروا وفسقوا منكر الحكم المجمع (?) عليه.
ثم ما ذكرتم معارض بما في الكتاب من منع الأمة (?) عن القول والفعل الباطلين (?) بقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (?) {وَلَا تَأْكُلُوا