فإن قيل: حرمة اتباع غير سبيلهم مشروطة بالمشاقة، ولم يلزم منه وجوب اتباع سبيلهم عند المشاقة. إذ عدم الاتباع واسطة بينهما. وإن لزم ذلك فليس بممتنع إذ ليست مشاقة الرسول الكفر به، لأنها مشتقة من كون أحد الخصميْن (?) في شقٍ والآخر في آخر ويكفي فيه أصل المخالفة. وإن سلمنا فالكفر المنافي للعلم بالإجماع هو الجهل بصدقه دون ما عداه، وإن سلمنا فالتكليف بالمحال واقع.
ثم نقول حرمته مشروطة بتبين الهدى، لأن حكم المعطوف حكم المعطوف عليه واللام للاستغراق. ودليل أهل الإجماع هدى. فسقط اعتبار الإجماع.
ثم لفظ الغير والسبيل مفرد فلا يعم ولئن عمَّ ولم يُفِد. اذ حرمة الكل لا تستلزم حرمة البعض. ونحن نُحرِّم اتباع بعض ما يُغايِر بعض سبيلهم وهو ما صاروا به غير (?) مؤمنين، وهو الكفر ويدل عليه فهمنا (?) من قوله: لا تتبع غير سبيل الصالحين ما صاروا به صالحين ونزول الآية في رجل ارتد.
ثم السبيل: ما يُمشى فيه وهو غير مراد وليس بعض المجازات أولى.
كيف؟ ولا مناسبة بين الحقيقة والإجماع وبينهما وبين دليل أهل الإجماع مشابهة الإفضاء (?) إلى المطلوب فحمله عليه أولى. سلمنا حرمة اتباع غير سبيلهم فلم (?) يجب اتباع سبيلهم اذ لفظ غير للصفة في الأصل. وإن استعمل للاستثناء فعدم الاتباع إذاً واسطة بين الاتباعين. وليس ترك اتباع سبيلهم اتباعاً لغير سبيلهم اذ الاتباع فعل مثل فعل الغير، لأن ذلك الغير فعله. سلمنا وجوب اتباعهم لكن لا في كل أمرٍ وإلا لزم وجوب الفعل، وعدم وجوبه فيما فعلوه معتقدين إباحته وجواز الاجتهاد وعدم جَوازه، حيث