الجمع بين المفترق في الصدقة أن يكون ثلاثة نفر مثلاً، ويكون لكل أربعون شاة، وقد وجبت على كل واحد منهم في غنمه الصدقة، فإذا أتاهم المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم منها إلا شاة واحدة فنهو عن ذلك. وتفسير قوله: "ولا يفرق بين مجتمع" أن الخليطين يكون لكل واحد منها مائة شاة وشاة [156 ب]، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه, فإذا أتاهما المصدق فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة فنهوا عن ذلك، قال: فهذا الذي سمعت في ذلك.
وقال الخطابي (?): قال الشافعي (?): الخطاب في هذا للمصدق ولرب المال. قال: والخشية خشيتان: خشية الساعي أن يغل الصدقة، وخشية رب المال أن يغل ماله، فأمر كل واحد منهما أن لا يحدث في المال شيئاً من الجمع والتفريق خشية الصدقة.
قوله: "وما كان من خليطين (?) فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" أقول: التراجع بين الخليطين أن يكون لأحدهما مثلاً أربعون بقرة وللآخر ثلاثون بقرة ومالهما مشترك، فيأخذ المصدق عن الأربعين مسنة، وعن الثلاثين تبيعاً، فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على خليطه، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على خليطه؛ لأن كل واحد من الشيئين واجب على الشيوع، كأن المال ملك واحد.
وفي قوله: "بالسوية" دليل على أن الساعي إذا ظلم أحدهما وأخذ منه زيادة على فرضه، فإنه لا يرجع بها على شريكه، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب دون الزيادة، وذلك معنى قوله: "بالسوية".