سبيل الله، وكانت بركة هذه الدماء الزكية بلسما لجراحها، حتى استطاعت أن تصل إلى قيادة موحدة وأمير واحد بايعته بيعة الحرب.

إنها أمانة أنيطت بها في هذ الظروف الحرجة الدقيقة. وتطلعت إليها أنظار العالم الإسلامي كله في أن تكون قادرة على رص الصف، وتذويب الفوارق فيه، والقضاء على الأحقاد والضغائن فيه.

لقد كانت المهمة العسيرة للنقباء الإثني عشر أخطر من مهمة قيادتنا اليوم. فلقد كلفت برص الصف وتوحيده بعد حرب حقيقية بالسيوف لا بالكلام. بعد عام واحد على حرب بعاث أو عامين. فبين الأوس والخزرج دماء وثارات وأحقاد ما يمكن أن تزول بجرة قلم. ونعرف الثارات الجاهلية التي تبقى مستكنة سني طوالا ولا تهدأ حتى تنتقم.

هذا الوضع هو الذي استلمته القيادة الجديدة من النقباء الاثني عشر. واستطاعت بإخلاصها وصدقها، وارتفاعها فوق ذواتها وميولها وعواطفها، وجعل رضا ربها نصب عينيها أن تظفر بتوفيق الله تعالى لها وإلفة كلمتها. لأنها صدقت الله تعالى فيما عاهدته عليه.

{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

13 - وأين كان طواغيت الأرض من هذه البيعة الفريدة في تاريخ الأرض. أين كان مشركو المدينة والبيعة تتم على رؤوسهم. وأين كانت قريش والبيعة تريد أن تحطم طاغوتها وكبرياءها وهي تحاد الله وتكذب رسوله؟ وأين كان الحجيج المشرك كله. والبيعة تريد أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. نقول هنا عن العدو القريب الذي كان وضع هؤلاء السبعين بالنسبة لهم كوضع اللقمة بين فكي الأسد؟؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015