الحرب والجهاد- ومنها بيعة العقبة الأولى- كانت تسمى بيعة النساء. أما هذه البيعة فبيعة الحرب.

ومع ذلك فليست حرب الإبادة، وليست حرب الإفناء بل الحرب المخططة المحكمة المحدودة الأهداف والمحددة الاستراتيجية التي ترتبط بالنصرة بعد وصول القيادة النبوية للمدينة. إن كل قطرة دم يجب أن تراق ضمن هدف. لا أن تراق لانفعال عاطفي أو غضبة جارفة. وإذا جد الجد فالإسلام عديل الروح بل أغلى منها لأنه يضحى بالروح والدم والمال من أجله. وتحمى القيادة الإسلامية كما يحمي المرء زوجه وولده ونفسه.

7 - وسرعان ما استجاب قائد الأنصار دون تردد- البراء بن معرور قائلا: والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله. فنحن والله أبناء الحرب وأهل الحلقة. ورثناها كابرا عن كابر.

والبراء هو المفوض الرسمي، وهو رئيس الوفد المفاوض، وهو الذي أسلم بنشاط الدعاة على الطريق. وها هوذا يعرض إمكانيات قومه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قومه أبناء الحرب والسلاح. إن هذا يعني بالنسبة للحركة الإسلامية أن تعرف أولا الطاقات القتالية عندها من جهة، وأن تعرف من جهة ثانية كيف توجه هذه الطاقات في أحسن سبيل. فيأخذ صاحب الكفاءة مجاله، وأخو الحرب مكانه.

8 - والأوامر شيء والمفاوضات شيء آخر. فلقد اعترض أبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنه وهو المسلم العظيم على أمر مهم قبل البيعة وكان لا بد من طرحه بصراحة ووضوح: يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالا وإنا قاطعوها - يعني يهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015