غالبًا فيجوز أن تكون له حجة عنه لو حضر لذكرها.
32530 - قالوا: دعواه سريان فإذا سئل الحاكم الحكم به وجب، أصله: إذا كان حاضرًا، وإذا ادعى أن فلانًا الغائب وكله باستيفاء دينه، أو ادعى أن هذا الحاضر اشترى من فلان الغائب وأنه شفيع، وكذلك إذا ادعى على ميت فأقام عليه البينة بحضور الوارث.
32531 - قلنا: لا نعلم مدعيًا حتى نعلم جحود خصمه، فإذا جوزنا أن يكون معترفًا، فهذا ليس بمدع، وكذلك لا نسلم أن البينة برهان، إلا أن يكون هناك خصم جاحد. وأصلهم: إذا كان حاضرًا وقد نكلها عليه، فأما المسائل التي عددوها: فالبينة مسموعة على خصم حاضر، ويتعدى الحكم إلى الغائب تبعًا، فيصير الحاضر خصمًا عنه وقائمًا مقامه حكمًا لوكيله الذي يقوم مقامه أمرًا وتفويضًا. يبين ذلك: أن القضاء بالشفعة حق الشفيع وهو لازم للمشترى، ولا يتوصل إلى إثباته عليه إلا بإثباته على البائع، فصار الحاضر هو المقصود بالقصد، والغائب تابع له في ذلك، وكذلك بقية المسائل. يبين هذا: أنا نقضي بملك الغائب إذا اتصل بدعوى الحاضر، وان كان القضاء لا يجوز مع غيبة المقضي له.
32532 - ولأن أحد الخصمين في هذه المسائل اتصل بالحق الآخر فاقتضى أن يصح بصحته كالعبادات لم تتعلق صحة بعضها ببعض، كما أن الحقين في مسألتنا إذا انفرد أحدهما عن الآخر لم يثبت أحدهما بثبوت الآخر.
32533 - قالوا: فمن لا يعتبر رضاه في الحكم عليه، لا يعتبر حضوره، أصله: المضمون عنه.
32534 - قلنا: الحضور يحتاج إليه ليأتي بحجة ويطعن في حجة خصمه، والرضا لا معنى له في ذلك، فأما الكفيل فقام مقام المكفول عنه من طريق الحكم لما ذكرنا.
32535 - قالوا: تأخير الحكم بالبينة على الغائب ليس له معنى؛ لأن الحاكم إذا حكم عليه ثم قدم، لم يخل أن يكون مقرًا أو منكرًا، فإن كان مقرًا تأكد حكمه، وإن كان منكرًا فحكم الجاحد أن تسمع عليه البينة ويقضي بها عليه.
32536 - قلنا: قد بينا أن في التأخير فائدة؛ لأنه إذا حكم فات الطعن في العدالة ويوفيه المال، ويغيب ويحضر الغائب وله حجة تبطل ما قامت به البينة عليه، فلا