بأغلظ الأمرين، جاز بأدناهم كما لا يقال: لما جاز إقرارهم بالمال المقدر جاز بما دونه، ولما جاز قتل المرتد جاز أخذ الجزية منه.
30387 - قلنا: عند مخالفنا يجوز المن على الوثني ورده إلى دار الحرب فيعود حربيًا لنا بغير شيء، فإذا جعلناه ذمة فقد ثبتت يدنا عليه وصار مسلمًا لنا وأخذنا منه المال، فقد جوز مخالفنا إقراره على الكفر بالأثقل والأخف فلم يصح ما قاله.
30388 - ولأنه تصالح أهل الحرب بغير شيء نأخذه، وتصالحهم بمال نأخذه منهم فسقط القتل بالأثقل، يبين ذلك أن المرتد لما لم يجز أن يقر أحد الجهتين كذلك الأخرى، والكتابي لما جاز إقراره جاز بهما.
30389 - فإن قيل: الكتابي متمسك بالكتاب، والوثني غير متمسك بكتاب.
30390 - قلنا: المجوسي كذلك، وقد جاز إقراره بالجزية.
30391 - ولأنهم تمسكوا بكتاب خالفوه وجحدوا ما فيه من الدلالة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحكام فلم يثبت لهم به حرمة.
30392 - قالوا: أهل كتاب كان آباؤهم على الحق، فثبتت لأولادهم حرمة، وعبدة الأوثان بخلاف ذلك.
30393 - قلنا: لو كان هذا اعتبارًا صحيحًا، كان المرتد أولى؛ لأن حرمة الإسلام ثبتت لآبائه.
30394 - احتجوا بقوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} إلى قوله: {فخلوا سبيلهم}.
30395 - قلنا: هذا يتناول من لا يسقط عنه القتل إلا بعلة واحدة وهي الإسلام، وفي مسألتنا سقط القتل بعلة أخرى وهي الاسترقاق، فعلم أن ذلك غير مراد بالآية.
30396 - ولأنها تختص بالوثني العربي.
30397 - احتجوا بقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} إلى قوله: {وهم صاغرون}. قالوا: فخص أهل الكتاب، ولا يجوز أن يكون التخصيص للتنبيه؛ لأن حكم أهل الكتاب أخف من غيرهم، فلا ينبه بالأخف على الأغلظ، بقي أن يكون لأن من عداه بخلافه.
30398 - قلنا: تخصيص المذكور بحكم لا يدل على أن ما عداه بخلافه، وقد