واحتجَّ الآخرون من ثَلاثةِ أوجهٍ:
أحدُها: أنَّ المصدَرَ مفْعَل وبابه أن يكون صادِرًا عن غيرِه، وأمَّا أن يَصدُرَ عنه غيرُه فكلاّ.
والثاني: أنّ المصدَرَ يعتلّ لاعتلالِ الفعلِ، والاعتلالُ حكمٌ تسبقه علّته، فإذا كان الاعتلالُ في الفعلِ أولاً وجبَ أن يكون أصلاً، ومثالُ ذلك قولُكَ صامَ صِيامًا، وقامَ قِيامًا، فالواو في قام: أصلٌ اعتُلّت في الفِعل فاعتُلّت في القِيام، وأنتَ لا تقولُ اعتُلّ ((قامَ)) لاعتلالِ القيامِ.
والوجهُ الثالث: أنّ الفعلَ يَعملُ في المَصدرِ كقولك: ((ضَربته ضربًا)). ف ((ضربًا)) منصوب ب ((ضربت))، والعاملُ مؤثِّرٌ في المَعْمُولِ، والمُؤَثِّرُ أَقوى من المُؤَثَّرِ فيه، والقُوّةُ تَجْعَلُ القَوِيَّ أصلاً لِغيره.
والجواب: أمّا الوجهُ الأول فليس بشيء؛ وذلك أنّ المصدرَ مشتقٌّ من صدرت عن الشيء إذا وليتَه صدرَكَ وجعلتَه وراءَك ومن ذلك قولهم: ((المَورِد والمَصدَرُ)) يشارُ به إلى الماء الذي ترد عليه الإبل ثمّ تَصدر عنه ولا معنى لهذا إلاّ أنّ الإِبل تتولّى عن الماء، وتصرِفُ عنه صدورَها فيقالُ قد