صَدَرَتْ عن الماءِ وقد شاعَ في الكلام قولُ القائل: فلانٌ موفّقٌ فيما يُورده ويُصدره، وفي مَوارده ومَصادره، وكلٌّ ذلك بالمعنى الذي ذَكرناه، وبهذا يتحقّق كون الفعل مُشتقّاً من المَصدر؛ لأنّه بمنزلةِ المكانِ الذي يَصدُرُ عنه.
أمّا الوجهُ الثّاني: فغير دالٍّ على دَعواهم؛ وذلك أنّ الاعتلالَ شيءُ يُوجبه التَّصريفُ وثِقَلُ الحُروف، وبابُ ذلك الأَفعال؛ لأنّ صيغَها تَختلف لاختلاف معانيها، فقامَ مثلاً أصله قَوَمَ، فأُبدلت الواوُ ألفًا، لتحرُّكها، فإذا ذَكرت المَصدر من ذلك كانَت العِلّةُ المُوجبة للتغييرِ قائمةً في المَصدَرِ وهو الثِّقَل.
وجواب آخر: وهو أنّ المصدرَ الأصليَّ هو ((قَوْم)) كقولك ((صَوْم)) ثمّ اشتَققت منه فعلاً وأعللته لما ذكرنا، فعدلت عن قومٍ إلى قيام؛ لتناسب بين اللّفظين للمعنيين المشتركين في الأصل، يَدلّ على ذلك أنَّ المصدرَ قد يأتي صَحيحًا معتلٌّ، والفعلُ يجبُ فيه الإعلال، مثل الصّوم والقّول والبَيع، فإذا اشتققتَ منها أفعالاً أعلَلْتَها فقلت: صامَ وقامَ وباعَ.
فقد رأيتَ كيفَ جاءَ الإعلالُ في الفعلِ دونَ المصدَرِ؟ فاختلَّت الثّقةُ بما عُلّل به.
وأمَّا الوجهُ الثالثُ فهو في غايةِ السُّقوط، وبيانُه من أوجهٍ ثلاثة: