فهي فَرعٌ على المّادةِ المُجرّدة، كذلك الفعل هو دليلُ الحَدث وغيره، والمَصدر دليلُ الحَدث وحدَه، فبهذا يَتَحَقّق كونُ الفعلِ فرعًا لهذا الأَصلِ.
طريقةٌ أخرى: هي أنّا نقولُ: الفعلُ يشتمِلُ لفظُهُ على حروفٍ زائدةٍ على حروفِ المَصدَرِ، تدلُّ تِلك الزّيادةُ على معانٍ زائدةٍ، على معنى المَصدر فكانَ مشتقّاً من المصدَر كاسمِ الفاعلِ والمفعولِ والمكانِ والزّمانِ، كضاربٍ وضَرْبٍ ومَضروبٍ، وبيانه: أنَّك تَقولُ في الفعلِ ضَرَبَ فتحرّك الراء فيختلفُ معنى المَصدر، ثمّ تقول استضْرَب فتدلّ هذه الصّيغة على معنى آخر، ثمّ تقول اِضرب ونَضرب وتَضرب ويَضرِب، فتأتي هذه الزّوائد على حروفِ الأصلِ وهي الضّاد والرّاء والباء مع وجودها في تلك الأمثِلة، ومعلومٌ أنَّ ما لا زيادةَ فيه أَصلٌ لما فيه الزّيادة.
طريقةُ أُخرى: هي أنَّ المصدَر لو كان مُشتقّاً من الفعلِ لأدَّى ذلك إلى نَقضِ المعاني الأُوَل، وذلك يخلّ بالأصول، بيانه: أنّ لفظَ الفعل يَشتملُ على حروفٍ زائدةٍ ومعانٍ زائدةٍ وهي دِلالته على الزَّمان المَخصوص، وعلى الفاعل الواحدِ، والجماعةِ والمؤنّثِ والحاضرِ والغائبِ، والمصدَرِ يذهبُ ذلك كلُّه، إلاّ الدّلالة على الحَدث، وهذا نقضٌ للأَوضاعِ الأُوَل، والاشتقاقُ يَنبغي أن يُفيد تَشييدَ الأصولِ وتَوسعة المَعاني، وهذا عَكسُ اشتقاقِ المَصدر من الفِعل.