وأمَّا القياسُ: فهو أن تقديمَ المُستثنى على المُستثني مِنْه جائز، كقولك: ما لي إلا أباكَ صَدِيقٌ؛ أي مالِي صَدِيْقٌ إلا أبَاك، فكذلك يَجوزُ تَقديمه على العامل فيه، ألا تَرى أنَّ قولك: ما مَرَرْتُ إلا بزيدٍ جائز، وكذلك بزيد مررت، ولأنَّ العاملَ في الاستثناءِ فعلٌ، وتَقْدِيمُ المَفْعُولِ على الفعلِ جائز.
والجوابُ: أما البيت فمحمولٌ على اسمِ لَيس، تقديره: ليسَ بها إنسيٌّ إلا الجِنَّ، والاستثناء من غيرِ الجِنْسِ، وعلى هذا لا يَدخُلُ البيتُ فيما نحن فيه.
أما البيت الثاني فمن جنس هذا، والدَّلِيْلُ عليه البيتُ الذي قبلَه، والبيتُ قولُهُ:
إلى أنْ عَرّسُوا وأغبَّ منهم ... قَرِيباً ما يُحَسُّ له حَسِيسُ
والتقديرُ: ما يحس له جنس حسيسٌ إلاَّ أصواتَ الخَيلِ. قولهم: ((الاستثناءُ يشبه البَدَلَ)) لا يصحُّ لوجهين: