فالجوابُ: أن هذه المواضعَ مَخرجها غيرُ ما ادعوا، وذلك أن مَنْ نصب ما بعدها إمّا يكون فعل محذوف يفسره أَفعل كما قال تعالى: {إنّ ربَّك هو أعلمُ بمَنْ ضَلَّ عن سَبِيْلِهِ} وقال تعالى: {الله أعلمُ حَيْثُ يَجعل رِسالاَته} ف ((حيثُ)) و ((مَنْ)) لا يجوز أن يكونا مَجرورين بالإِضافة، لأنَّ أفعلَ تُضاف إلى ما هي بعض له وذلك محالٌ هنا، وأمَّا ((أجبَّ الظَّهر)) فروي بالإٍضافة، ولا حُجّة فيه على هذا، وقد رُوي بالرّفع على تَقديرِ أجبّ الظهرَ منه، أمَّا النَّصب فعلى التَّشبيه بالمفعول به كباب الحَسن الوجه، وقيل الأَلف واللاّمُ زائِدتان كما قالَ الآخر:
خلّص أمّ العَمرو من أَسيرها ... حُرّاسُ أبوابٍ على قُصُورها
وعلى مذهبهم يجوزُ أن يكونَ بدلاً من الضَّمير، وعلى كل حال لا يبقى لهم فيه حجة وكذلك القول في ((أجشَّ الصهيلا)).
والوجه الثالث: أن هذا البناء مبنيّ على الفتح ولو كان اسماً لم يكن مبنياً، إذ لا علة للبناء خصوصاً على الفتح، فإِنْ قيل: علة بنائه شيئان:
أحدُهما: تَضَمُّن معنى هَمزة الاستفهامِ، لأنَّ قولَك: ما أَحسن زيداً أي شيءٌ أوجبَ ذلك؟.