وأمّا مَنْ قال: ((قَدني)) فالوجه فيه عنده أن ((قَد)) بمعنى اكفُفْ فلما أشبَه فِعلَ الأمرِ لحقَه حكمٌ من أَحكامه، كما قالَ: حسبُك يَنَمِ النّاس، بجزمِ الجَواب، لأنه حَمله على اكفُف ينمِ النّاس.
والوَجْهُ الثَّاني: أن هذا البِناء ينصبُ المعرفة والنّكرة وأفعل الذي هو اسم لا يعَمل ذلك وإنما هو يختصُّ بالنكرات.
فإن قيلَ: فقد عمل في المعارفِ كقولِ العَبّاس بن مِرداس:
وأضربُ مِنّا بالسُّيوف القَوَانِسا
فنَصب القَوانِسَ بأضرب، وقالَ النَّابغة:
فإن يَهلك أَبو قابوس يَهلك ... رَبيْعُ النّاسِ والشَّهرِ الحَرامِ
ونَأخذ بعدهم بِذِنابِ عَيْشٍ ... أَجبَّ الظَّهرَ لَيس لَه سَنامِ
فنصَب الظّهر بأحبّ، وقالَ آخر:
ولقد أغتدي وما صَقَعَ الدّيْ ... ـــــك على أدهمٍ أجشّ الصَهِيلا
فنصب بأفعل.