والثاني: تَضَمُّنهُ حرفُ التَّعجب، لأنّ التَّعجُّب معنى، والأصلُ في كلِّ معنى أن يوضعَ له حرفٌ فيُعتَقَد ذلك وإن لم يُنطق به، كما في بناءِ هذا وهؤلاء.
والجوابُ أمّا الاستفهامُ فعنه جوابان:
أحدهما: أنَّ التّعجُّب خبرٌ يَحتمل الصّدقَ والكَذِبَ وبين الخبرِ والاستفهامِ بونٌ بَعيدٌ.
والثاني: أنَّ الاستفهامَ لو كان لكانت ((ما)) هي المُتضمنة له لا الفعل الذي بعدها. وأمّا حرفُ التَّعجب فلا حاجةَ إلى تقديره، لأنَّ الصيغَة دالةٌ على التَّعجب فلم يَحتج معها إلى حرفٍ، كما أنَّ ((نعم)) و ((بئس)) موضوعتان على المَدح والذّم ولم تحتَج مع ذلِكَ إلى تقديرِ حرفٍ يدلُّ عليهما وكذلك عسى وحبذا.
والوجهُ الرابعُ: أن أحكامَ الفِعلية موجودةٌ فيه منها لحقوق نون الوقاية به على تقدّم، ومنها أنّك إذا أتيت بفعلٍ آخر والمفعول واحد أَجريته مجرى أكل وشرب مثاله قولك ما أَحسن زيداً وأجملَ.
وأما حُجَّةُ الكوفيين: فإنهم احتجوا بثلاثةِ أشياء:
أحدُها: أنه يصغر، يقال ما أُحَيْسِنَهُ قال الشَّاعرُ: