عليه بين الحرمان بالقدر وبالشرع شرع عطاءه بأمره وحرمه بقدره فلم يجمع عليه حرمانين
ثم ذكرهم سبحانه بآياته الأفقية والنفسية فقال {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} فآيات الأرض أنواع كثيرة منها خلقها وحدوثها بعد عدمها وشواهد الحدوث والافتقار إلى الصانع عليها لا تجحد فإنها شواهد قائمة بها ومنها بروز هذا الجانب فيها عن الماء مع كون مقتضى الطبيعة أن يكون مغموراً به ومنها سعتها وكبر خلقها ومنها تسطيحها كما قال تعالى {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} ولا ينافى ذلك كونها كرية فهي كرة في الحقيقة لها سطح يستقر عليه الحيوان ومنها أنه جعلها فراشاً لتكون مقر الحيوان ومساكنه وجعلها قراراً وجعلها مهادا ذلولاً توطأ بالأقدام وتضرب بالمعاول والفئوس وتحمل على ظهرها الأبنية الثقال فهي ذلول مسخرة لما يريد العبد منها وجعلها بساطاً وجعلها كفاتا للأحياء تضمهم على ظهرها وللأموات تضمهم في بطنها وطحاها فمدها وبسطها ووسعها ودحاها فهيأها لما يراد منها بأن أخرج منها ماءها ومرعاها وشق فيها الأنهار وجعل فيها السبل