والفجاج ونبه بجعلها مهاداً وفراشاً على حكمته في جعلها ساكنة وذلك آية أخرى إذ لا دعامة تحتها تمسكها ولا علاقة فوقها ولكنها لما كانت على وجه الماء كانت تكفأ فيه تكفأ السفينة فاقتضت العناية الأزلية والحكمة الإلهية أن وضع عليها رواسي يثبتها بها لئلا تميد وليستقر عليها الأنام وجعلها ذلولاً على الحكمة في أن لم تكن في غاية الصلابة والشدة كالحديد فيمتنع حفرها وشقها والبناء فيها والغرسى والزرع وبعث النوم عليها والمشي فيها ونبه بكونها قراراً على الحكمة في أنها لم تخلق في غاية اللين والرخاوة والدماثة فلا تمسك بناء ولا يستقر عليها الحيوان ولا الأجسام الثقيلة بل جعلها بين الصلابة والدماثة وأشرف الجواهر عند الإنسان الذهب والفضة والياقوت والزمرد فلو كانت الأرض من هذه الجواهر لفاتت مصالح العباد والحيوان منها وتعطلت المنافع المقصودة منها وبهذا يعلم أن جواهر التراب أشرف من هذه الجواهر وأنفع وأبرك وإن كانت تلك أعلى وأعز فغلاؤها وعزتها لقاتها وإلا فالتراب أنفع منها وأبرك وأنفس وكذلك لم يجعلها شفافة فإن الجسم الشفاف لا يستقر عليه النور وما كان كذلك لم يقبل السخونة فيبقى في غاية البرد فلا يستقر عليه الحيوان ولا يتأتى فيه النبات وكذلك لم يجعلها صقيلة براقة لئلا يحترق ما عليها بسبب انعكاس أشعة الشمس كما يشاهد من احتراق القطن ونحوه عند انعكاس شعاع الجسم الصقيل الشفاف