قوله تعالى {وخسف القمر} أي ذهب ضوؤه. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: خَسَفَ وَكَسَفَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
قوله تعالى {وجمع الشمس والقمر} قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا قَالَ جُمِعَ لِتَذْكِيرِ الْقَمَرِ. وَفِي هَذَا الْجَمْعِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا جَمَعَ بَيْنَ ذَاتَيْهِمَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جُمِعَا كَالْبَعِيرَيْنِ وَكَالْفَرَسَيْنِ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ: يُجْمَعَانِ وَيُقْذَفَانِ فِي الْبَحْرِ. وَقِيلَ فِي النَّارِ. وَقِيلَ يُجْمَعَانِ فيطلعان مِنَ الْمَغْرِبِ. وَالثَّانِي: جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي ذَهَابِ نُورِهِمَا. قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَقُولُ الإنسان} يعني المكذب بيوم القيامة: {أين المفر} أين الفرار {كلا لا وزر} أَيْ لا مَلْجَأَ {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} أَيِ الْمُنْتَهَى وَالرُّجُوعُ {يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قدم وأخر} فِيهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: بِمَا قَدَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَمَا سَنَّ مِنْ شَيْءٍ فَعُمِلَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ. قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَالثَّانِي: بِأَوَّلِ عَمَلِهِ وَآخِرِهِ
قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَالثَّالِثُ: بِمَا قَدَّمَ مِنَ الشَّرِّ وَأَخَرَّ مِنَ الْخَيْرِ. قَالَهُ عِكْرِمَةُ وَقَالَ: بِمَا قَدَّمَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ وَأَخَرَّ مِنْ طاعته.
واأسفاً من الصحيفة إن نشرها , واحزنا على الذنوب إن أظهرها , واحسرتا عَلَى خَطَايَا مَا غَفَرَهَا , مَنْ لِمَنْ حَادَ عَنِ الطَّرِيقِ وَقَدْ أَبْصَرَهَا , مَنْ لِمَنْ شَاهَدَ نَجَاتَهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا , تَاللَّهِ لَقَدْ آذَى الْعَاصِي نَفْسَهُ وَعَثَّرَهَا , كَمْ سَمِعَ مَوْعِظَةً مِنْ مُذَكِّرٍ قَدْ كَرَّرَهَا , ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا بَعْدَ أَنْ فَهِمَهَا وَتَدَبَّرَهَا , وَيْحَكَ إِلَى مَتَى تُضَيِّعُ زَمَنَكَ , وَإِلَى مَتَى إِيثَارُ فِتَنِكَ , أَمَا آنَ التنبه مِنْ وَسَنِكَ , أَمَا حَقٌّ أَنْ تَمِيلَ عَنْ سُنَنِكَ , يَا لاهِيًا أَتَنْسَى وَقْتَ حُزْنِكَ , يَا بَائِعًا نَفْسَهُ أَرَضِيتَ الْفَانِيَ بِثَمَنِكَ , أَيْنَ فَهْمُكَ الثَّاقِبُ وَجَوْدَةُ فِطَنِكَ , كَمْ بَقِيَ بَيْنَ سِرِّكَ وَبَيْنَ عَلَنِكَ , أَيْنَ زَادُ رَحِيلِكَ وَعِدَّةُ كَفَنِكَ إِلَى مَتَى مَعَ الدُّنْيَا كَمْ مَعَ وَثَنِكَ , كيف السبيل