إِلَى صَلاحِكَ وَتَلافِيكَ , وَكُلُّ مَا ذَكَرَهُ الْعَائِبُ وَتَلا فِيكَ , أَمَا يُزْعِجُكَ تَخْوِيفٌ: {وَتِلْكَ الْقُرَى أهلكناهم} أما ينذرك إعلام: {وكذلك أخذ ربك} أما يقصم عرى عزائمك: {وكم قصمنا من قرية} أَمَا يُقْصِرُ مِنْ قُصُورِكَ: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مشيد} أَمَا يَكْفِي لِمِثْلِكَ مَثَلٌ: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قبلهم المثلات} أَمَا رَأَيْتَ شَمَالَ الْعُقُوبَةِ كَيْفَ فَرَّقَتْ شَمْلَهُمْ , لَقَدْ مَرَّتْ فِي جَوِّ التَّخْوِيفِ تَهْتِفُ بِالْعُصَاةِ: {فكلا أخذنا بذنبه} .
يَا هَذَا لا نَوْمٌ أَثْقَلُ مِنَ الْغَفْلَةِ , وَلا رِقٌّ أَمْلَكُ مِنَ الشَّهْوَةِ , وَلا مُصِيبَةٌ كموت القلب , ولا نذيراً أَبْلَغُ مِنَ الشَّيْبِ:
(أَلا تَسْلُو فَتَقْصُرُ عَنْ هَوَاكَا ... فَقَدْرُ شَيْبِ رَأْسِكَ كَانَ ذَاكَا)
(أَكُلُّ الدَّهْرِ أَنْتَ كَمَا أَرَاكَا ... تُرَاكَ إِلَى الْمَمَاتِ كذا تراكا)
(أَرَاكَ تَزِيدُ حِذْقًا بِالْمَعَاصِي ... وَتَغْفَلُ عَنْ نَصِيحَةِ من دعاكا)
يَا قَوْمُ غَرَقَتِ السَّفِينَةُ وَنَحْنُ نِيَامٌ! أَبُوكُمْ لم يسامح في حبسة حِنْطَةٍ , وَدَاوُدُ لَمْ يُسَاهَلْ فِي نَظْرَةٍ.
يَا مُدْمِنَ الذُّنُوبِ مُذْ كَانَ غُلامًا , عَلامَ عَوَّلْتَ قل لي على ما , أتأمن من أَتَى مَنْ أَتَى حَرَامًا , أَمَا تَرَى مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الذُّنُوبِ إِلَيْكَ قَدْ تَرَامَى , آهٍ لِجَفْنٍ عَلِمَ مَا سَيَلْقَى كَيْفَ يَلْقَى مَنَامًا , أَيْنَ أَرْبَابُ الأَسْمَارِ وَالنَّدَامَى , كُلُّ الْقَوْمِ فِي قُبُورِهِمْ نَدَامَى , قُلْ لِي مَنِ اتَّخَذْتَ فِي أُمُورِكَ إِمَامًا , أَمَا مَا جَرَى عَلَى الْعُصَاةِ يَكْفِي إِمَامًا , إِلَى كَمْ تُضَيِّعُ حَدِيثًا طَوِيلا وَكَلامًا , مَا أَرَى دَاءَكَ إِلا دَاءً عُقَامًا , أَمَا تُؤْثِرُ نِيرَانَ تَخْوِيفِكَ؟ صَارَتْ بَرْدًا وسلاماً.
(فَذَكِّرِ النَّفْسَ هَوْلا أَنْتَ رَاكِبُهُ ... وَكُرْبَةً سَوْفَ تَلْقَى بَعْدَهَا كُرَبَا)
(إِذَا أَتَيْتَ الْمَعَاصِيَ فَاخْشَ غَايَتَهَا ... مَنْ يَزَرْعِ الشَّوْكَ لا يَجْنِي بِهِ عنبا)