وَهِيَ تَلُومُ نَفْسَهَا , إِنْ كَانَتْ عَمِلَتْ خَيْرًا قَالَتْ: هَلا زِدْتُ. أَوْ شَرًّا قَالَتْ: لَيْتَنِي لَمْ أَفْعَلْ. وَجَوَابُ الْقَسَمِ مَحْذُوفٌ , تَقْدِيرُهُ: لَتُبْعَثَنَّ , يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ لَنْ نجمع عظامه} والمراد به الكافر.

{بلى قادرين} المعنى: بل نجمعها قادرين {على أن نسوي بنانه} وَالْبَنَانُ: أَطْرَافُ الأَصَابِعِ. وَفِي الْمَعْنَى قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ نَجْعَلَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ شَيْئًا وَاحِدًا كَحَافِرِ الْحِمَارِ وَخُفِّ الْبَعِيرِ فَيَعْدَمَ الإِرْفَاقَ بِالأَعْمَالِ اللَّطِيفَةِ , كَالْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ. هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَالثَّانِي: نَقْدِرُ عَلَى تَسْوِيَةِ بَنَانِهِ كَمَا كَانَتْ وَإِنْ صَغِرَتْ عِظَامُهَا , وَمَنْ قَدَرَ

عَلَى جَمْعِ صِغَارِ الْعِظَامِ كَانَ عَلَى جَمْعِ كِبَارِهَا أَقْدَرُ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَالزَّجَّاجِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلْ يريد الإنسان ليفجر أمامه} فِيهِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: يَكْذِبُ بِمَا أَمَامَهُ مِنَ البعث والحساب. قاله ابن ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: يُقَدِّمُ الذَّنْبَ وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ وَيَقُولُ: سَوْفَ أَتُوبُ. قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. فَعَلَى هَذَا يُرَادُ بِالإِنْسَانِ الْمُسْلِمِ وَعَلَى الأَوَّلِ الْكَافِرِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} أَيْ مَتَى هُوَ , تَكْذِيبًا بِهِ. فَهَذَا هُوَ الكافر.

{فإذا برق البصر} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: {بَرِقَ} بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ بِفَتْحِهَا , وَهُمَا لُغَتَانِ , تَقُولُ الْعَرَبُ: بَرِقُ الْبَصَرُ يَبْرَقُ وَبَرَقَ يَبْرُقُ , إِذَا رَأَى هَوْلا يَفْزَعُ مِنْهُ.

وَمَتَى يَبْرُقُ الْبَصَرُ؟ فِيهِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَشْخَصُ بَصَرُ الْكَافِرِ فَلا يَطْرِفُ لِمَا يَرَى مِنَ الأُمُورِ الَّتِي كَانَ يُكَذِّبُ بها في دار الدنيا. قال الأَكْثَرُونَ. وَالثَّانِي: عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015