فَانْظُرْهُ هُوَ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ قَاضِي مِصْرٍ ".
(إنْ عَلِمَ مَا اسْتَخْلَفَ فِيهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: يُشْتَرَطُ عِلْمَهُ بِمَا يَسْتَخْلِفُ فِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: يُشْتَرَطُ فِي خَلِيفَةِ الْقَاضِي صِفَاتُ الْقُضَاةِ إلَّا إذَا لَمْ يُفَوَّضْ لَهُ إلَّا سَمَاعُ الشَّهَادَةِ وَالنَّقْلِ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ الْعِلْمِ إلَّا مَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْقَدْرِ.
(وَانْعَزَلَ بِمَوْتِهِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ مَاتَ الْقَاضِي وَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَكَانَهُ رَجُلًا وَقَالَ لَهُ سِرْ مَكَانِي وَنَفِّذْ مَا كُنْتُ صُدِّرْتُ فِيهِ لِلْقَضَاءِ وَاقْضِ، فَلَا قَضَاءَ لَهُ وَلَا سُلْطَانَ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ بَعْدَ مَوْتِهِ.
(هُوَ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ وَلَوْ الْخَلِيفَةَ) قَالَ أَصْبَغُ: لَا يُعْزَلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ مُوَلِّيهِ الْإِمَامِ أَوْ أَمِيرِهِ. الْمُتَيْطِيُّ: وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ قَاضِيًا مَكَانَهُ وَيُرِيحُ نَفْسَهُ إلَّا إنْ سَافَرَ أَوْ مَرِضَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَا نُبَالِي كَانَ الْقَاضِي غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا، وَكَانَ الْإِمَامُ وَلَّى قَاضِيَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَوْقَ صَاحِبِهِ ثُمَّ قَالَ: لِلْقَاضِي تَقْدِيمُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْأَحْبَاسِ لِلنَّظَرِ فِيهَا وَإِصْلَاحِ مَا وَهِيَ مِنْهَا وَكِرَائِهَا وَقَبْضِ غَلَّاتِهَا وَتَصَرُّفِهِ فِي مَصَالِحِهَا، وَيَجُوزُ إفْعَالُ الْمُقَدَّمِ لِذَلِكَ مِمَّا يُوَافِقُ السَّدَادَ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ، وَإِذَا تُوُفِّيَ الْقَاضِي الْمُقَدِّمُ لَهُ أَوْ عُزِلَ فَتَقْدِيمُهُ تَامٌّ إذْ لَيْسَ يَنْفَسِخُ تَقْدِيمُ قَاضٍ بِمَوْتِهِ وَلَا عَزْلِهِ حَتَّى يَنْقُضَهُ الْوَالِي بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْإِمَامُ الَّذِي تُؤَدَّى إلَيْهِ الطَّاعَةُ وَقَدْ قَدَّمَ قُضَاةً وَحُكَّامًا وَوَلِيَ الْأَمْرَ غَيْرُهُ وَقَضَاءُ الْحُكَّامِ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ الْإِمَامُ الْمَيِّتُ وَالْقَاضِي يَقْضِيه بَيْنَ مَوْتِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَقِيَامِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَ قِيَامِهِ وَقَبْلَ أَنْ تَنْفُذَ إلَيْهِمْ الْوِلَايَةُ وَيَمْضِي لَهُمْ الْحُكُومَةُ فِيمَا قَضَوْا بِهِ فِي الْفَتْرَةِ وَحَكَمُوا فِيهِ، فَأَقْضِيَتُهُمْ نَافِذَةٌ وَأَحْكَامُهُمْ جَائِزَةٌ وَسِجِلَّاتُهُمْ مَاضِيَةٌ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ وُلَاةِ الْأَيْتَامِ يُقَدِّمُهُمْ الْقَاضِي عَلَى النَّظَرِ لِلْأَيْتَامِ ثُمَّ يَمُوتُ الْقَاضِي أَوْ يُعْزَلُ، فَتَقْدِيمُهُ لَهُمْ مَاضٍ وَفِعْلُهُمْ جَائِزٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُمْضِيَهُ الْقَاضِي الَّذِي وَلِيَ بَعْدَهُ اهـ.
اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ " وَإِنْ عُزِلَ بِمَوْتِهِ ".
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ قَالَ بَعْدَ الْعَزْلِ قَضَيْتُ بِكَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا لَمْ يُقْبَلْ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ أَنَّهُ قَبْلَ الْعَزْلِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. سَمِعَ أَصْبَغُ: ابْنَ الْقَاسِمِ: شَهَادَةُ الْقَاضِي بِقَضَاءٍ قَضَى بِهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ أَوْ غَيْرَ مَعْزُولٍ لَا يُقْبَلُ.
ابْنُ رُشْدٍ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْنًى خَفِيٌّ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي قَبْلَ عَزْلِهِ قَضَيْتُ بِكَذَا لَا يُقْبَلُ إنْ كَانَ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ كَتَخَاصُمِ رَجُلَيْنِ عِنْدَ قَاضٍ فَيَحْتَجُّ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ قَاضِي بَلَدِ كَذَا قَضَى لِي بِكَذَا أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ كَذَا فَيَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْتِيهِ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَنِّي حَكَمْتُ لِفُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدِي لِفُلَانٍ كَذَا فَهُوَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ، وَلَوْ أَتَى الرَّجُلُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي فَقَالَ لَهُ خَاطِبْ لِي قَاضِي بَلَدِ كَذَا بِمَا ثَبَتَ لِي عِنْدَكَ عَلَى فُلَانٍ أَوْ فِيمَا حَكَمْتَ لِي بِهِ عَلَيْهِ فَخَاطَبَهُ بِذَلِكَ قُبِلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ لَا شَاهِدٌ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَيَنْفُذُ فِيمَا يُسَجِّلُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَيَشْهَدُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا دَامَ فِي قَضَائِهِ.
اُنْظُرْ هَذَا