بَعْدَ قَوْلِهِ " أَوْ شُهُودًا ".
(وَجَازَ تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ أَوْ خَاصٍّ بِنَاحِيَةٍ أَوْ نَوْعٍ وَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ) ابْنُ عَرَفَةَ: يَجُوزُ تَوْلِيَةُ قَاضِيَيْنِ بِبَلَدٍ عَلَى أَنْ يُخَصَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنَاحِيَةٍ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ نَوْعٍ مِنْ الْمَحْكُومِ فِيهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ يَصِحُّ فِيهَا التَّخْصِيصُ وَالتَّحْجِيرُ، وَلَوْ اسْتَثْنَى فِي وِلَايَتِهِ أَنْ لَا يَحْكُمَ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ صَحَّ ذَلِكَ اهـ.
قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: وَكَذَا فَعَلَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ حِينَ قَدِمَ الْقُسْطَنْطِينِيَّة جَعَلَ لَهُ أَنْ لَا يَحْكُمَ عَلَيْهِ فِي مَدْرَسَتِهِ وَإِمَامَتِهِ وَمَا تَحْتَ يَدِهِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ مَنَعَ الْإِمَامُ قَاضِيهِ الْحُكْمَ بَيْنَ خَصْمَيْنِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ أَطَاعَهُ وَإِلَّا أَنْفَذَهُ إلَّا أَنْ يَعْزِلَهُ رَأْسًا.
قَالَ ابْنُ فَتْحُونَ: وَقَدْ تَنْفَرِدُ الْقُضَاةُ بِبَعْضِ الْبَلَدِ بِخُطَّةِ الْمُنَاكِحِ فَيُوَلَّاهَا عَلَى حِدَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: كَمَا فِي بَلَدِنَا تُونِسَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ تَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بِأَحْكَامِ النِّكَاحِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ، وَالْآخَرُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ. قَالَ: وَكَذَا عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ مَعَ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِنُفُوذِ حُكْمِهِ، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ خَوْفَ تَنَازُعِ الْخُصُومِ فِيمَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ، وَمُقْتَضَى أُصُولِ الشَّرْعِ جَوَازُهُ وَالتَّنَازُعُ يَرْتَفِعُ شَغَبُهُ بِاعْتِبَارِ قَوْلِ الطَّالِبِ (ثُمَّ مَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ وَإِلَّا أُقْرِعَ) الْمَازِرِيُّ: لَوْ فَرَضْنَا الْخَصْمَيْنِ جَمِيعًا طَالِبَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ صَاحِبَهُ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْقُضَاةِ، وَيَطْلُبُ الْآخَرُ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ.
وَإِنْ أَخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالطَّلَبِ وَفِيمَنْ يَذْهَبَانِ إلَيْهِ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ أُوجِبَتْ لِلسَّابِقِ مِنْ رُسُلِ الْقَاضِيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِسَبَقِ الطَّلَبِ عَلَى الْآخَرِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا (كَالِادِّعَاءِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ نُصِّبَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ ثُمَّ تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فِي الِاخْتِيَارِ أَوْ ازْدَحَمَ مُتَدَاعِيَانِ فَالْقُرْعَةُ.