بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي غُصِبَ فِيهِ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ فِيهِ هُنَاكَ بِمِثْلِهِ وَلَا قِيمَتِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ عَطَبِهِ فِيهِ. اللَّخْمِيِّ: وَيَخْتَلِفُ إنْ غَصَبَهُ طَعَامًا فِي شِدَّةٍ ثُمَّ صَارَ إلَى رَخَاءٍ، هَلْ يَغْرَمُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَغْلَى الْقِيَمِ؟ الْمَازِرِيُّ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَغَيَّرُ بِذَلِكَ وَيُقْضَى بِمِثْلِهِ (وَصَبَرَ لِوُجُودِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ فَقَدَ الْمِثْلَ حِينَ طَلَبَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُهُ. اللَّخْمِيِّ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يُوجَدَ. أَشْهَبُ يُخَيَّرُ الطَّالِبُ فِي الصَّبْرِ أَوْ الْقِيمَةِ.

(وَلِبَلَدِهِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَقِيَهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ هُنَاكَ بِمِثْلِهِ وَلَا قِيمَتِهِ. وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ثُمَّ بَاعَهُ بِزَيْتٍ وَقَدِمَ بِالزَّيْتِ لِبَلَدِ الْمُوَكِّلِ، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ مِثْلَ طَعَامِهِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَبَيْنَ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ فِيهِ بِالزَّيْتِ فَيَأْخُذَهُ بِمِثْلِهِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ إذْ قَدْ فَاتَ بِحَمْلِهِ لِبَلَدٍ الْمُوَكِّلِ. وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الزَّيْتِ هُنَاكَ إلَّا بِرِضَا الْوَكِيلِ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ لَهُ أَخْذَ الزَّيْتِ؛ لِأَنَّهُ زَيْتُهُ بِعَيْنِهِ. اُنْظُرْ رَسْمَ عَبْدِ الْقَادِرِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْبَضَائِعِ.

(وَلَوْ صَاحِبُهُ) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الطَّعَامِ يُسْرَقُ فَيَجِدُهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ، لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ السَّارِقَ وَالْغَاصِبَ بِمِثْلِهِ فِي مَوْضِعِ سَرِقَتِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ اتَّفَقَا أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ بِمَوْضِعِ نَقْلِهِ أَوْ يَأْخُذَ فِيهِ ثَمَنًا جَازَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الطَّعَامِ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الطَّعَامُ مَعَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَصْبِرُ لِقُدُومِهِ بَلَدَ الْغَصْبِ لِيَغْرَمَ مِثْلَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي غَيْرِ الطَّعَامِ طَرِيقَانِ. ابْنُ رُشْدٍ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَقْلَهُ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَوْتٌ فِي الْعُرُوضِ لَا الْحَيَوَانِ.

(وَمُنِعَ مِنْهُ لِلتَّوَثُّقِ) الَّذِي لِابْنِ الْحَاجِبِ فِيمَنْ لَقِيَ مَنْ غَصَبَهُ بِغَيْرِ بَلَدِ غَصْبِهِ وَالطَّعَامُ مَعَهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ (وَلَا رَدَّ لَهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّهِ جَبْرُ الْغَاصِبِ عَلَى رَدِّهِ لِبَلَدِ الْغَصْبِ. وَأَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ أَكْرَى مَلَّاحًا عَلَى حَمْلِ تِينٍ مِنْ إشْبِيلِيَّةَ إلَى سَبْتَةَ فَحَمَلَهُ إلَى سَلَأَ فَغَرِمَ الْمَلَّاحُ مِثْلَ التِّينِ بِإِشْبِيلِيَّةَ وَيَحْمِلُهُ إلَى سَبْتَةَ فَقِيلَ لَهُ: أَفْتَى غَيْرُكَ بِوُجُوبِ رَدِّ الْمَلَّاحِ إلَى سَبْتَةَ وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهَا. فَقَالَ: مَا أَجَبْت بِهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَمِنْ الذَّخِيرَةِ: نَقْلُ الْغُصُوبِ تَشَعَّبَتْ فِيهِ الْمَذَاهِبُ وَاضْطَرَبَتْ الْآرَاءُ وَتَبَايَنَتْ بِنَاءً عَلَى مُلَاحَظَةِ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ مِنْهَا، أَنَّ الْغَاصِبَ أَنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ كُلْفَةَ النَّقْلِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ كَمَالِ الْمَغْصُوبِ.

(كَإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ مَعِيبًا زَالَ وَقَالَ أَجَزْتُ لِظَنِّ بَقَائِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ غَصَبَ أَمَةً بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ فَبَاعَهَا، ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ وَأَجَازَ رَبُّهَا الْبَيْعَ، ثُمَّ عَلِمَ بِذَهَابِ الْبَيَاضِ فَقَالَ إنَّمَا أَجَزْت الْبَيْعَ وَلَمْ أَعْلَمْ بِذَهَابِهِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015