حَائِطِهِ حَفِيرًا لِلسِّبَاعِ أَوْ حِبَالَةً لَمْ يَضْمَنْ مَا عَطِبَ بِذَلِكَ مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ جَعَلَ بِبَابِ خِبَائِهِ قَصَبًا تَدْخُلُ فِي رِجْلِ مَنْ يَدْخُلُهُ، أَوْ اتَّخَذَ تَحْتَ عَتَبَتِهِ مَسَامِيرَ لِمَنْ يَدْخُلُ، أَوْ رَشَّ فِنَاءَهُ يُرِيدُ بِهِ زَلَقَ مَنْ يَسْلُكُهُ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ إنْسَانٍ، أَوْ اتَّخَذَ فِيهِ كَلْبًا عَقُورًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ رَشَّهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ مَا عَطِبَ بِهِ.
(وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرْدِي) ابْنُ شَاسٍ: يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَحَلِّ عُدْوَانٍ فَتَرَدَّتْ فِيهِ بَهِيمَةٌ أَوْ إنْسَانٌ، فَإِنْ رَدَاهُ غَيْرُهُ فَعَلَى الْمُرْدِي تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى التَّسَبُّبِ. ابْنُ عَرَفَةَ: كَذَا نَقَلَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَفَصِ الْآتِيَةِ، وَعَارَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَسْوِيَةِ سَحْنُونٍ بَيْنَ الْمُكْرِهِ غَيْرَهُ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ لَهُ مَالَ رَجُلٍ مِنْ بَيْتِهِ. رَاجِعْ ابْنَ عَرَفَةَ (إلَّا الْمُعَيَّنُ فَسِيَّانِ) هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ.
وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ: يُقْتَلُ الْمُرْدِي دُونَ الْحَافِرِ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ الْمُرْدِي إلَّا إنْ عُلِمَ بِقَصْدِ الْحَافِرِ وَيَتَقَدَّمُ فِعْلُهُ فَيُقْتَلَانِ مَعًا كَبَيِّنَةِ الزُّورِ مَعَ الْقَاضِي الْعَالِمِ بِزُورِهَا انْتَهَى.
وَاسْتَظْهِرْ عَلَى هَذَا النَّقْلَ فَإِنِّي لَمْ أُصَادِفْهُ حِينَ رَاجَعْته. وَانْظُرْ هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْغَاصِبِ الْعَالِمِ بِالْغَصْبِ غَاصِبٌ، وَمَنْ حَلَّ رِبَاطَ زِقٍّ مَمْلُوءٍ زَيْتًا لِرَجُلِ وَأَبْقَاهُ مُسْتَنِدًا كَمَا وَجَدَهُ فَأَسْقَطَهُ رَجُلٌ.
(أَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ لِئَلَّا يَأْبَقَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ حَلَّ عَبْدًا مِنْ قَيْدٍ قُيِّدَ بِهِ لِئَلَّا يَأْبَقَ فَذَهَبَ الْعَبْدُ ضَمِنَ.
(أَوْ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ فِيهِ طَيْرٌ فَذَهَبَ الطَّيْرُ ضَمِنَ، وَمَنْ حَلَّ دَوَابَّ مِنْ مَرَابِطِهَا فَذَهَبَتْ ضَمِنَهَا كَالسَّارِقِ يَدَعُ بَابَ الْحَانُوتِ مَفْتُوحًا وَلَيْسَ فِيهِ رَبُّهُ فَيَذْهَبُ مَا فِي الْحَانُوتِ فَالسَّارِقُ يَضْمَنُهُ.
(إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ فَتَحَ بَابَ دَارٍ فِيهَا دَوَابُّ فَذَهَبَتْ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مَسْكُونَةً فِيهَا أَهْلُهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَرْبَابُهَا ضَمِنَ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا رَبُّهَا نَائِمًا لَمْ يَضْمَنْ. وَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَدَعُ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَأَهْلُ الدَّارِ فِيهَا نِيَامٌ أَوْ غَيْرُ نِيَامٍ، فَلَا يَضْمَنُ مَا ذَهَبَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا تَرَكَ الْبَيْتَ مَفْتُوحًا وَلَيْسَ أَرْبَابُ الْبَيْتِ فِيهِ (أَوْ حِرْزًا) اُنْظُرْ إنْ كَانَ هَذَا مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: " غَيْرَ عَاقِلٍ " أَنْ يَضْمَنَ إنْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ أَوْ فَتَحَ حِرْزًا إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَرَبِّ الْحِرْزِ.
(لِمِثْلِيٍّ وَلَوْ بِغَلَاءٍ بِمِثْلِهِ) ابْنُ رُشْدٍ: الْمِثْلِيُّ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ أَعْيَانُ عَدَدِهِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ فِي الْكِتَابِ اُنْظُرْهُ هُنَاكَ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ غَصَبَ لِرَجُلٍ طَعَامًا أَوْ إدَامًا فَاسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ غَصْبِهِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ هُنَاكَ مَثَلًا لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ. وَإِنْ لَقِيَهُ رَبُّهُ