وَأَمَّا الْآنَ فَلَا أُجِيزُ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكْتَرِي يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ فَتَضِلُّ الدَّابَّةُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ: فَهِيَ لِلْمُكْتَرِي وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا فِيهَا.
(كَنُقْرَةٍ صِيغَتْ) ابْنُ يُونُسَ: لَوْ غَصَبَهُ سَوِيقًا فَلَتَّهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُعْطِيَهُ مَا لَتَّهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ التَّفَاضُلُ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ. وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ الْفِضَّةَ دَرَاهِمَ أَوْ صَاغَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهَا وَيُعْطِيَهُ أُجْرَتَهُ لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا.
(وَطِينٍ لُبِنَ وَقَمْحٍ طُحِنَ وَبَذْرٍ زُرِعَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ عَمِلَ الْغَاصِبُ مِنْ الْخَشَبَةِ بَابًا، أَوْ غَصَبَ تُرَابًا يَعْمَلُ مِنْهُ بَلَاطًا، أَوْ غَصَبَ حِنْطَةً فَزَرَعَهَا وَحَصَدَ مِنْهَا حَبًّا كَثِيرًا، أَوْ غَصَبَ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ، أَوْ غَصَبَ فِضَّةً فَصَاغَهَا حُلِيًّا، أَوْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ فِي هَذَا كُلِّهِ مِثْلُ مَا غَصَبَ فِي صِفَتِهِ وَوَزْنِهِ وَكَيْلِهِ أَوْ الْقِيمَةُ فِيمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ، وَكَذَلِكَ فِي السَّرِقَةِ. الْمَازِرِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ غَصَبَ قَمْحًا فَطَحَنَهُ ضَمِنَ مِثْلَهُ وَلَا يُمَكِّنُ رَبَّ الْقَمْحِ مِنْ أَخْذِ الدَّقِيقِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ. وَاتَّفَقَا إنْ طَحَنَ الْقَمْحَ سَوِيقًا وَلَتَّهُ أَنْ لَيْسَ لِرَبِّ الْقَمْحِ أَخْذُهُ.
(وَبَيْضٍ أَفْرَخَ) . أَشْهَبُ: مَنْ غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ لَهُ فَخَرَجَ مِنْهَا دَجَاجَةٌ فَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ مِثْلُهَا كَغَاصِبِ الْقَمْحِ يَزْرَعُهُ عَلَيْهِ مِثْلُ الْقَمْحِ وَالزَّرْعِ لَهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، لَا مَا بَاضَ أَوْ حُضِنَ. أَشْهَبُ: لَوْ غَصَبَ دَجَاجَةً فَبَاضَتْ عِنْدَهُ فَحَضَنَتْ بَيْضَهَا، فَمَا خَرَجَ مِنْ الْفَرَارِيجِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مَعَهَا كَالْوِلَادَةِ، وَأَمَّا لَوْ حَضَنَ تَحْتَهَا بَيْضًا لَهُ مِنْ غَيْرِهَا فَالْفَرَارِيجُ لِلْغَاصِبِ وَالدَّجَاجَةُ لِرَبِّهَا وَلَهُ فِيمَا حَضَنَتْ كِرَاءُ مِثْلِهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ: مَعَ مَا نَقَصَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصًا بَيِّنًا فَيَكُونُ لِرَبِّهَا قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصَبَهَا، وَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ بَيْضِهَا وَلَا مِنْ فَرَارِيجِهَا شَيْءٌ. قَالَ: وَلَوْ غَصَبَ حَمَامَةً فَزَوَّجَهَا حَمَامًا لَهُ فَبَاضَتْ وَأَفْرَخَتْ، فَالْحَمَامَةُ وَالْفِرَاخُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا أَعَانَهَا ذَكَرَهُ مِنْ حَضَانَتِهِ، وَلِمُسْتَحِقِّ الْحَمَامَةِ فِيمَا حَضَنَتْ مِنْ بَيْضِ غَيْرِهَا قِيمَةُ حَضَانَتِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا حَضَنَهُ غَيْرُهَا مِنْ بَيْضِهَا وَإِنَّمَا لَهُ بَيْضٌ مِثْلِ بَيْضِ حَمَامَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي أَخْذِ الْبَيْضِ ضَرَرٌ فِي تَكَلُّفِ حَمَامٍ يَحْضُنُهُمْ، فَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْبَيْضِ اهـ.