أبو حنيفة - رحمه الله -. وكانت ولادته بمدينة غزة، وقيل: بعسقلان، وقيل: باليمن، والأول أصح، وحُمل من غزة إلى مكة وهو ابن سنتين، فنشأ بها، وقرأ القرآن الكريم.
وحديث رحلته إلى مالك مشهور، فلا حاجة إلى التطويل فيه، وقدم بغداد سنة 195 فأقام بها سنتين، ثم خرج إلى مكة، ثم عاد إلى بغداد فأقام بها شهرًا.
ثم خرج إلى مصر، وكان وصوله إليها في سنة تسع وتسعين ومئة، ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومئتين، ودفن بعد العصر من يومه بالقرافة الصغرى، وقبره يزار بها.
قال الربيع بن سليمان المرادي: رأيت هلال شعبان وأنا راجعٌ من جنازته، وقال: رأيته في المنام بعد وفاته، فقلت: يا أبا عبد اللَّه! ما صنع اللَّه بك؟ فقال: أجلسني على كرسي من ذهب، ونثر عليَّ اللؤلؤ الرطب. وذكر الشيخ أبو إسحق الشيرازي في كتاب "طبقات الفقهاء" ما مثاله.
وحكى الزعفرانيُّ عن أبي عثمان بن الشافعي، قال: مات أبي وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وقد اتفق العلماء قاطبة من أهل الحديث والفقه والأصول واللغة والنحو وغير ذلك على ثقته وأمانته وعدالته، وزهده وورعه ونزاهة عرضه وعفة نفسه، وحسن سيرته وعلو قدره وسخائه، وأخبرني أحد المشايخ الأفاضل: أنه عمل في مناقب الشافعي ثلاثة عشر تصنيفًا، انتهى ملخصًا وتركًا للأبيات.
أحدُ الفقهاء والمحدثين والأعلام التابعين بالمدينة.
رأى عشرة من الصحابة - رضي الله عنهم -، وروى عنه جماعةٌ من الأئمة، منهم: مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثوري.
وكان قد حفظ علم الفقهاء السبعة، وكتبَ عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: عليكم بابن شهاب؛ فإنكم لا تجدون أحدًا أعلمَ بالسنة الماضية منه.
توفي في سنة أربع وعشرين ومئة - رضي الله تعالى عنه -.