قال الذهبي: وفي تواليفه أشياء تنقم عليه من تصحيح وتضعيف.
كان من أعيان العلماء، ومشاهير الفضلاء، متقنًا لعلم الحديث النبوي وما يتعلق به، عارفًا بالنحو واللغة، وأيام العرب وأشعارها، واشتغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس الإسلامية، ولقي بها علماءها ومشايخها، ثم رحل إلى مراكش وإفريقية والديار المصرية، ثم إلى الشام والشرق والعراق، وسمع ببغداد وواسِط، ودخل إلى عراق العجم وخراسان وما والاها، كلّ ذلك في طلب الحديث، والاجتماع بأئمته، والأخذ عنهم، وهو في تلك الحال يؤخذ عنه، ويستفاد منه.
وقدم مدينة أربل سنة 604، فرأى صاحبها الملكَ المعظم مولَعًا بعمل مولد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، عظيمَ الاحتفال به، فعمل له كتاب "التنوير في مولد السراج المنير"، وقرأه عليه بنفسه، وختم هذا الكتاب بقصيدة طويلة، أولها:
لولا الوشاةُ لهم ... أَعداؤنا ما وهموا
ودفع له الملكُ ألفَ دينار، وله عدة تصانيف.
وكانت ولادته سنة 544، وتوفي سنة 633 بالقاهرة.
ذكر له المَقَّري في "نفح الطيب" ترجمةً حافلة، وأثنى عليه، وذكر من شعره الرائق شيئًا، وقال: ولد سنة 548، وتكلم فيه جماعة فيما ذكره ابن النجار، وقدرُه أجلُّ مما ذكروه.
سمع بالأندلس من ابن بشكوال، وببغداد من ابن الجوزي، وطاف البلاد، وكل ذلك في طلب الحديث، وله مؤلفات كثيرة حسنة، وكان ظاهريَّ المذهب، من كبار المحدِّثين، ومن الحفاظ الثقات الأثبات المحصَّلين، روى وأَسمع، وكان من أحفظ أهل زمانه باللغة، حتى صار حوشِيُّ اللغة عنده مستعملًا غالبًا، وكان قصده أن يشتهر بنوع ينفرد به دون غيره؛ كما فعل كثير من الأدباء، إلى آخر ما قال.