التواب الرحيم، واهدنا الصراط السوي والطريق القويم، {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، آمين.
كان أبوه محدث أصبهان في وقته.
وكان أبو القاسم من كبار فقهاء الشافعية، نزل نيسابور، ودرس الفقه بها سنين، ثم انتقل إلى بغداد، وسكنها إلى حين وفاته، وانتهى إليه التدريس ببغداد - وانتفع به خلق كثير.
وكان الشيخ أبو حامد الإسفراييني يقول: ما رأيت أحدًا أفقهَ من الداركيِّ، وأخذ الحديث عن جده لأمه الحسنِ بن محمد الداركيِّ، وكان إذا جاءه مسألة يفكر طويلًا، ثم يفتي فيها، وربما أفتى على خلاف مذهب الإمامين الشافعي وأبي حنيفة - رضي الله عنهما -، فيقال له في ذلك، فيقول: ويحكم! حدث فلان عن فلان عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بكذا وكذا، والأخذ بالحديث أولى من الأخذ بقول الإمامين.
توفي ببغداد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة خمس وسبعين وثلاث مئة عن نيف وسبعين سنة، - رحمه الله تعالى -، وكان ثقة أمينًا.
والداركي: قال السمعاني هذه النسبة إلى دارك، وظني أنها قرية من قرى أصبهان.
كان علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول، والأدب والشعر والكتابة، وعلمِ التصوف، جمع بين الشريعة والحقيقة، خرج إلى الحج في رُفقة فيها: الشيخ أبو محمد الجويني والدُ إمام الحرمين، وأحمدُ بن حسين البيهقي، وجماعة من المشاهير، فسمع منهم الحديثَ ببغداد والحجاز، وعقدَ لنفسه مجلسَ الإملاء في الحديث. وذكره الخطيب في "تاريخه"، وقال: قدم علينا - يعني: إلى بغداد في سنة 448، وحدَّث ببغداد، وكتبنا عنه، وكان ثقة، حسن