عافية -: قال رأيت مرجان في المنام، ومعه اثنان، كل واحد قد أخذ بيده، فقلت: إلى أين؟ قالا: إلى النار، قلت: لماذا؟ قالا: كان يبغض ابنَ الجوزي هذا.
وقد أطنب ابن رجب في ترجمته إلى كراسة وزيادة، وذكر من أسامي كتبه المؤلفة ما يطول ذكرُها، وكتب من أحوال مجالسه الوعظية، ورفعة شأنه وعلو مكانه في العلوم وعند الناس ما لا يأتي عليه الحصر، ولا ريب أنه كان عمودًا من عمد الإسلام، وفخرًا من مفاخر الأنام، وحسنة من حسنات الليالي والأيام، وناصرًا من أنصار السنة المطهرة، ومفسرًا من مفسري الكتاب، ومحدِّثًا جليلًا من محدثي الآثار رادًا على المبتدعين، باغضًا لأصحاب المذاهب من المقلدين، عارفًا بصحيح الحديث من سقيمه، وضعيف الآثار من موضوعها، إمامًا في الجرح والتعديل، أستاذًا للأئمة الكبار بلا مدافعة، واعظًا نبيلًا لم تر عينٌ مثلَه في الوعاظ، بليغًا أديبًا شاعرًا كاملًا لم يخلف مثله في الديار، وفضائله أجل من أن تذكر، ومناقبه أكثر من أن تحصر، جزاه اللَّه عن المسلمين، خيرًا، ورحمه ورحم سائر المتبعين المقتفين لآثار النبي - صلى الله عليه وسلم -، والناصرين لسنته المطهرة الذابِّين عنها بالألسنة والأسنة.
فالناس كثير، والدنيا ملاء منهم، ومدَّعو العلم غزير، والعالم مشحون بهم، ولكن أين مثل هذا الشيخ ونظرائه في العلم والعمل، ومعرفة الحق من الباطل، كَثَّر اللَّه من أمثاله، وحققنا بفعاله وأحواله وأقواله، وما ذلك على اللَّه بعزيز.
اللهم! إنك تعلم كوننا في هذه المئة الثالثة عشر التي ذهبت بكل خير، وجاءت إلينا بكل شر، ومذ فتحنا عينًا لم نر إلا شينًا ورينًا، وقعنا في ناس جاهلين، وقوم عن الدين ناكبين، وخُلقنا في زمان ليس علينا فيه سلطان أحد من المسلمين، وإنما نحن كالأسراء في أيدي الفجرة الكفرة الجبابرة الظالمين، لا نقدر على شيء، ولا نعرف سبيلًا إلى خروج، ولا نجد مَنْ نجالسه ونصاحبه، ونستعين به على دفع مكائد الشياطين من الإنس والجن أجمعين، ولا نقف على من يهدينا سبيل الرشاد، ويوصلنا إلى طريق الصدق والسداد، {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] رب تب عليَّ إنك أنت