رجل صالح ينزل عليه النور، ولا يعرفه إلا الخواص من الناس، ورثاه بعضهم بقوله:
جادَ الحَيا بالشام كُلَّ عشيةٍ ... قبرًا تضمَّن لحدُه الأوزاعي
قبرٌ تضمَّن فيه طودُ شريعةٍ ... سَقيًا له من عالم نَفَّاعِ
عُرضت له الدنيا فأَعرض مُقْلِعًا ... عنها بزُهدٍ أَيَّما إقلاعِ
ذكر الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق": أن الأوزاعي دخل الحمام ببيروت، وكان لصاحب الحمام شغل، فاغلق الحمام عليه، وذهب، ثم جاء ففتح الباب، فوجده ميتًا، قد وضع يده اليمنى تحت خده، وهو مستقبل القبلة. وقيل: إن امرأته فعلت ذلك، ولم تكن عامدة لذلك، فأمرها سعيدُ بن عبد العزيز بعتق رقبة.
والأوزاع: بطنٌ من ذي الكلاع من اليمن، وقيل: بطن من همدان، وقيل: قرية بدمشق. وبيروت: بليدة بساحل الشام، أخذها الفرنج من المسلمين في سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة.
كان علامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون عديدة، وله في الحديث تصانيفٌ كثيرة.
وله "الموضوعات" في أربعة أجزاء، ذكر فيها كل حديث موضوع.
وبالجملة: كتبُه أكثرُ من أن تعد، وكتب بخطه شيئًا كثيرًا، والناس يغالون في ذلك حتى يقولون: إنه جمعت الكراريس التي كتبها، وحسبت مدة عمره، وقسمت الكراريس على المدة، فكان ما خص كل يوم تسع كراريس، وهذا شيء لا يكاد يقبله العقل، ويقال: إنه جمعت براية أقلامه التي كتب بها حديث