مطلوب، فإن لم يكن حسنًا، فليحسِّنه ما استطاع، ومن جملة تحسينه: أن يراعي فيه قوانين النغم؛ فإن حسن الصوت يزداد بذلك حسنًا، فإن خرج عنها، أثر ذلك في حسنه، وغيَّر الحسن ربما إن خير بمراعاتها ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها، لم يعدل تحسين الصوت لقبح الأداء، فلعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام، لأن الغالب على من راعى الأنغام أَلاَّ يراعي الأداء، فإن وجد من يراعيها معًا، فلا شك أنه أرجحُ من غيره؛ لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت، وتجنب الممنوع من تحريم الأداء، انتهى كلام الحافظ.
وأقول: قال تعالى {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]، والترتيل: أن يقرأ القرآن مفصلًا مشرحًا، لا يلتبس بعض حروفه وكلماته ببعضها، المراد بالتغني: الجهر بقراءته دون رعاية قوانين الأنغام، وتمزيق الحلوق، وتعويج أعضاء الوجوه بمخاريج الأداء، وما أحدثه القراء من التكلف في ذلك، والمبالغة في التجويد، وقرروا من القواعد، وجعلوها علمًا مستقلًا، فليس في نظر الإنصاف في شيء، ولم يكن عليه هدي النبي، ولا سيرةُ السلف الصالح؛ كما يعرف ذلك من يعرف أحوال الصدر الأول، والله أعلم.
ثمال اليتامى والمساكين، لم يزل ... أبًا لهم يَحْنو عليهمْ، ويرأفُ
وهِمَّتُه استنباطُ حكمٍ دليله ... شواهد نقلٍ أو قياسٌ مؤلَّفُ
أخذ عن السيد العلامة أحمد بن محمد شريف في علم التفسير والحديث والفقه، وغير ذلك، ومما قرأه عليه "أذكار النووي"، و"رياض الصالحين"، قال صاحب "النفس اليماني": قرأت عليه عدة مقروءات، وأطلعني - جزاه الله تعالى - على عدة فوائد.
في كلِّ يومٍ يريكَ فائدةً ... أحسن منها بما يُفيدُ غَدا
ومَنْ تكنْ هذه خلائقه ... فأنتَ منهُ في نعمةٍ أَبَدا
وكان - رحمه الله - كثيرَ المباحثة والمراجعة، وقعت بينه وبين فقهاء عصره