المالكية من الألقاب المضافة للدين؛ كسعد الدين، وعز الدين، فقلت: قال العارف بالله ابن الحاج في كتابه المسمى "بالمدخل" الذي استقصى فيه أنواع البدع ما نصُّه: من ارتكب بدعة ينبغي له إخفاؤها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتُلي منكم بشيء من هذه القاذورات، فليستترْ"، والعالِمُ يجب عليه التسترُ أكثرَ من غيره؛ لأنه ربما قال: إن عنده علمًا بجواز ما ارتكبه، فيقتدي به غيرُه، فمما ينبغي التحفظُ عليه من البدع: الأعلامُ المخالفة للشرع، المضافة للدين؛ لما فيها من تزكية النفس المنهيِّ عنها؛ كما صرح القرطبي في "شرح أسماء الله الحسنى"، وللفضل بن سهل قصيدة في ذمها، فمنها: وقوله فيمن لُقِّبَ بعز الدين، وفخر الدين:
أَرى الدينَ يَسْتَحيي من اللهِ أن يُرى ... وهذا له فخرٌ وذاكَ نصيرُ
فقد كثرتْ في الدين ألقابُ عُصبةٍ ... هُمُ في مراعي المنكراتِ حميرُ
وإني أُجِلُّ الدينَ عن عزة بهم ... وأعلمُ أن الذنبَ فيه كبيرُ
فمن نادى بهذا الاسم، أو أجاب به، فقد ارتكب ما لا ينبغي؛ لأنه كذب.
وفي الحديث: "عليكم بالصدق؛ فإنه يهدي إلى البِرِّ، والبِرُّ يَهدي إلى الجنة، والكذبُ فجورٌ، والفجورُ يَهْدي إلى النار" الحديث. فإذا قال أحد: محيي الدين، يقال: أهذا الذي أحيا الدين؟ فإذا أخذ صحيفته، وجدها مشحونة بالكذب.
ولما دخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على أم المؤمنين زينبَ، قال لها: ما اسمُك؟ قالت: بَرَّةُ، فكره - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وقال: "لا تزكوا أنفسكم"، وسماها: زينب.
ولا يقال: إنها خرجت عن أصلها بالنقل إلى العلمية؛ لأنه لو كان كذلك، ما كرهوا تركها، مع ما فيها من التشبه بالعجم المنهي منه.
وهذه التسمية أولَ ما ظهرت من متغلبة الترك مضافة إلى الدولة، وكانوا لا يلقبون أحدًا إلا بإذن السلطان، وكانوا يبذلون عليه المال، ثم عدلوا عنه بالإضافة إلى الدين، ونقل عن النووي: أنه كان يكره من يُلقبه بمحيي الدين، ويقول: لا جعل الله مَنْ دعاني به في حل، ولذا تحاشى عنه بعض العلماء،