قال الذهبي: غلب عليه الوسواس في المياه والنجاسة، وله في ذلك حكايات وأخبار تخرج بها أئمة، وكان لا يسلك المراء في بحثه، بل يتكلم بكلمات يسيرة بسكينة، ولا يراجع. قال الحلبي: كان حافظًا للحديث وعلومه، يُضرب به المثل في ذلك، وكان آية في الإتقان. قال ابن الزملكاني: إمامُ الأئمة في فنه، وعلامةُ العلماء في عصره، بل ولم يكن من قبله من سنين مثلُه في العلم والدين، والزهد والورع، تفرد في علوم كثيرة، وكان يعرف التفسير والحديث، ويحقق المذهبين - يعني: مذهب مالك، والشافعي -، ويعرف الأصلَين، وكان السلطان لاجين ينزل له عن سريره، ويقبل يديه. قال ابن سيد الناس: له تخلق وبكرامات الصالحين تحقق، وبعلامات العارفين تعلق، ولو لم يدخل في القضاء، لكان ثوريَّ زمانه، وأوازعيَّ أوانه. قال ابن حجر: واستمر فيه إلى أن مات سنة 704 - رحمه الله تعالى -.
ولد سنة 821 ببيت المقدس، ونشأ بدمشق، وأخذ عن جماعة، وسمع الحديث من مشايخ بلده، والقادمين إليها، وتدرب بالحافظ ابن ناصر، ثم ارتحل إلى القاهرة، فسمع من ابن حجر، له مصنفات، منها: "البرق اللموع لكشف الحديث الموضوع". ترجمه السخاوي ترجمة طويلة كلُّها ثلبٌ وشتم؛ كعادته في أقرانه، ومن أعجب ما رأيته فيها من التعصب: أنه قدح في مؤلفات الخيضري، ثم قال: إنه ما رآها، وهذا غريب. ولعل موته بعد كمال المئة التاسعة، انتهى ما في "البدر الطالع".
سمع وقرأ، وارتحل وكتب، وحدث وأجاز، قال في "آثار الأدهار" كان إمامًا محدثًا حافظًا فصيحًا، وهو من بيت علم، أجاز له جماعة من الشيوخ، له كتاب: "المنقح الشذي في شرح الترمذي"، وكان ينظم الشعر، وله فيه حسنات، انتهى. ولد في سنة 671، وهو من بيت رئاسة بإشبيلية، قال الذهبي: