نصيبك وحظك من كل آية من آياته، وتنزيلُها على أدواء قلبك، ولا يعرف قدرَ هذه الطريقة إلا من عرف طرق الناس وغوائلها وقطاعها، والله المستعان، انتهى كلامه. قال: ونزل السيد المذكور على العبد الحقير، وكان نزوله كنزول العافية على السقيم، والشفاء للجراح الأليم، والحمد لله على ذلك، ونسأله التوفيق لدوام الشكر على ما هنالك، ثم بدا له التوجهُ إلى جهة بندر "المخا"، ثم جهة موزع.

فلما وصل إلى تلك الجهات، ازدحم عليه الخاص والعام، وانتفعوا به في أمر دينهم انتفاعًا عظيمًا؛ لأن السيد: هديُه في عباداته وعاداته الهديُ النبوي، سيما الصلاة؛ فإنه - نفع الله - به يُقيمها ويحسنها على الوجه التام الذي وردت به الأحاديث الصحاح والحسان، عن معلم الشريعة - صلى الله عليه وسلم -، لا يلتزم في إقامتها ولا إقامة غيرها مذهبًا من المذاهب، بل مذهبه ما صحَّ به الحديث؛ كما هي طريقة خلائق من العلماء الأعلام:

ومذهبي: كلُّ ما صَحَّ الحديثُ به ... ولا أُبالي بلاحٍ فيه أو زاري

وله فيَّ كلامٌ منظوم رائق عذب، ثم عاد بعد إقامته مدةً في تلك الجهات إلى زَبيد، والعود -، كما يقال في المثل السائر:- أحمدُ، ولم تزل الأيام والليالي زاهرة رياضُها بلطائف العلوم، ورقائق الفهوم، معمورة أوقاتُها بالعبادات، والأقلام تكتب من إملاء السيد من الفوائد العوائد، النوادرَ والشوارد، ما ملئت منه الدفاتر، وفي هذه المدة وقعت إجازات منه لكل من طلب ذلك، بل أجاز أهلَ زبيد خصوصًا، وأهل اليمن عمومًا، كما وقع نظير ذلك للحافظ ابن حجر العسقلاني عند قدومه زَبيد؛ فإني رأيت بخط الفقيه الولي الكبير العلامة المحدث عبد النور بن عبد الواحد الهائلي ما نصه: رأيت بخط غير خط الإمام شهاب الدين بن حجر العسقلاني - رحمه الله تعالى -:

أجزت لأهل "زبيد" خصوصًا، ولأهل اليمن كافة عمومًا، أن يرووا عني هذه الكتب: "صحيح البخاري"، و"صحيح مسلم"، و"الجمع بين الصحيحين" للحميدي، وكتاب "السنن" لأبي داود، وكتاب "السنن" للحافظ النسائي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015