"ضوء النهار" للجلال، ومنها: "العدة" جعلها حاشية على "شرح العمدة" لابن دقيق العيد، ومنها: شرح التنقيح في علوم الحديث". قال: وله مصنفات غير هذا، وقد أفرد كثيرًا من المسائل بالتصنيف بما يكون جمعه في مجلدات، وله شعر فصيح منسجم، وغالبه في المباحث العلمية، والتوجع من أبناء عصره والردود عليهم. وبالجملة: فهو من الأئمة المجددين لمعالم الدين. وقد رأيته في المنام في سنة 1206 وهو يمشي راجلا وأنا راكب في جماعة معي، فلما رأيته، نزلت فسلمت عليه، فدار بيني وبينه كلام حفظت منه، قال لي: دقق الإسناد، وتأنق في تفسير كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخطر ببالي عند ذلك أنه يشير إلى ما أصنعه في قراءة "البخاري" في الجامع، وكان يحضر تلك القراءة جماعة من العلماء، ويجتمع من العوام عالَم لا يُحْصَون، فكنت في بعض الأوقات أفسر الألفاظ الحديثية بما يفهمه أولئك العوام الحاضرون. فاردت أن أقول: إنه يحضر جماعة لا يفهمون بعض الألفاظ العربية، فبادرني، وقال قبل أن أتكلم: قد علمتُ أنه يقرأ عليك جماعة، وفيهم عامة، ولكن دقق الإسناد، وتأنق في تفسير كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم سألته عند ذلك عن أهل الحديث ما حالهم في الآخرة؟ فقال: بلغوا بحديثهم الجنة، أو بلغوا بحديثهم بين يدي الرحمن، - الشك مني -، ثم بكى بكاء عاليًا، وضمني إليه، وفارقني، فقصصت ذلك على بعض من له يدٌ في التعبير، وسألت عن تعبير البكاء والضم؟ فقال: لا بد أن يجري لك شيء مما جرى له من الامتحان، فوقع من بعد ذلك بعد تلك الرؤيا عجائبٌ وغرائب - كفى الله شرها -. وتوفي - رحمه الله تعالى - ثالث شعبان سنة 1182، ونظم بعضهم فكان هكذا: ع * محمدٌ في جِنانِ الخلد قد نَزَلا *، ورثاه شعراء العصر، وتأسفوا عليه.
وله تلامذة نبلاء علماء مجتهدون، منهم: السيد العلامة عبد القادر الكوكباني، والقاضي أحمد قاطن، والعلامة أحمد بن أبي الرجال، وغيرهم ممن لا يحيط به الحصر، ووالدُه كان من الفضلاء الزاهدين في الدنيا، الراغبين في العمل، وله عرفان وشعر جيد، مات سنة 1142، وكان ولده هذا - صاحب الترجمة - إذ ذاك بشهارة، انتهى حاصله.