التكفير واللعن والسب، فمَظْلَمَتُه باقية على ظهر المكفِّر واللاعن والسابِّ، فانظر كيف صار المكفر كافرًا، واللاعن ملعونًا، والسابُّ فاسقًا، ولم يكن ذلك حد عقوبته، بل غريمه ينتظره بعرصات المحشر ليأخذ من حسناته، أو يضع عليه من سيئاته بمقدار تلك المظلمة ومع ذلك فلا بد من شيء غير ذلك، وهو العقوبة على مخالفة النهي؛ لأن الله تعالى قد نهى في كتابه، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن الغيبة بجميع أقسامها، ومخالفُ النهي فاعلُ محرَّم، وفاعل المحرم معاقَبٌ عليه. وهذا عارضٌ من القول جرى به القلم، ثم أحجم عن الكلام، سائلاً من الله حسن الختام، انتهى.
قال في "البدر الطالع": ولد سنة 1211، ونشأ في حجر الخلافة نَشْئًا طاهرًا، فلما قارب سن البلوغ، قرأ "بلوغ المرام" على محمد بن عابد السندي، ثم حفظه عن ظهر قلب، ووصل إليّ، وأسمعه عليَّ مِنْ حفظِه من أوله إلى آخره، والكتاب بيدي، فسبحان الفاتح المانح، وهو الآن يسمع علي "صحيح البخاري" و"مسلم"، ويواظب على ذلك مواظبة عظيمة، ويفهم فهمًا جيدًا، ويحفظ حفظًا صالحًا، مع اشتغاله بقراءة علم الآلة، وإكبابه على مطالعة الكتب الحديثية، وله بالسنة المطهرة شغف عظيم، ومحبة زائدة، ويعمل بكل ما صح منها، ولا يبالي أطارَ لومُ مَنْ يلومه أو وقع، ولا يلتفت إلى من يريد صده عن ذلك؛ لأنه قد عرف أن هذا هو الحق الذي بعث الله به رسوله، وأنزل به كتابه، ووالده مولانا الإمام يرغبه في ذلك، ويقوي عزمه عليه، ويُعْجِبه ما يرى منه، والحمد لله الذي أخرج من هذا البيت الشريف مثلَ هذا الفاضل - زاده الله علمًا وكمالاً، وعملاً بالحق، وانقيادًا له، وجعله من أنصار السنة المطهرة -.
وعمره عند تحرير هذه الترجمة نحو تسع عشرة سنة، انتهى.
ولد سنة 1173. قال الشوكاني في "البدر الطالع": وهو الآن بدر طالع